تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن مكائد المجرمين للإسلام عميقة الجذور، ضاربة في تاريخ الفكر الإسلامي بمناحيه المختلفة، ولكن الله أبي إلا أن يقيض لدينه حراساً فيذهب الزبد جفاء، ويبقى في الأرض ما ينفع الناس:

? إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون ? (الحجر/9).

معنى الأحرف السبعة:

سبق أن ذكرنا نزول القرآن علي سبعة أحرف، كلها شاف كاف، وتصريح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقد صرح بعض العلماء بتواتر حديث الأحرف السبعة الذي يؤكد أن نزول القرآن بهذه الهيئة هو تخفيف عن أمة النبي صلى الله عليه وسلم.

ويبدو أن هذا التخفيف كان بالمدينة، يدل علي ذلك حديث أبي بن كعب الذي يقول إن جبريل -عليه السلام- لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن علي حرف قال: أسأل الله معافاته ومغفرته، فإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية، فقال: " إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن علي حرفين" فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن علي ثلاثة أحرف فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن علي سبعة أحرف، فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا " (31).

ومثله حديث ابن عباس مرفوعاً: " أقرأني جبريل علي حرف واحد، فراجعته، فلم أزل استزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف" (32)

وقد اختلفت مذاهب العلماء في معنى الأحرف السبعة، فنقل القرطبي عن أبي حيان أنها بلغت خمسة وثلاثين قولاً (33)، ولكن اشتهر من هذه المذاهب خمسة مذاهب:

الأول: يفسر هذه الأحرف علي أنها الألفاظ المترادفة، ولو كانت من لغة واحدة؛ لاختلاف قراءة عمر وهشام بن الحكم مع أنهما كليهما من قريش وقد صرح القسطلاني بأن هذا نقل أكثر أهل العلم. (34)

الثاني: يفسرها علي أنها لغات قريش ومن ينتهي نسبه إليها، واحتجوا لذلك بأن قريشاً قوم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نزل القرآن بلسانهم لقوله تعالى:

(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (إبراهيم/4)

أو أنها لغات لمضر وبطونها، لما روي عن عمر أن القرآن نزل بلغة مضر. ولكن العلماء ردوا هذا القول بظاهر قوله تعالى:

(إنا جعلناه قرآناً عربياً) (الزخرف/3)

أي أنه نزل قرءانٍ بلسان العرب.

ونقل القسطلاني عن القاضي الباقلاني أنه قال: ومن زعم أنه أراد مضر دون ربيعه، أوهما دون اليمن، أو قريشٍ، فعليه البيان؛ لأن اسم العرب يتناول الجميع تناولاً واحداً. (35)

وفي رسالة لأبي عبيد بن سلام نجد أن في القرآن الكريم ألفاظاً من مختلف لغلت العرب من مضر وغيرها- وقد أورد هذه الرسالة السيوطي في الإتقان (36) - فلو صح عزو ابن سلام وهو لغوي ثبت، ومحدث ثقة، لما كان حجة لمن حصر أوجه القرآن في مضر.

الثالث: وهو تغاير الألفاظ مع إتقان المعني مع انحصار ذلك في سبع لغات"وهو قول ابن حجر (37) وإذا كان هذا المذهب صحيحاً، فينبغي أن تكون هذه اللغات من العرب كافة- كما أسلفنا -، وينبغي أيضاً أن يكون المراد بالتغاير هو مطلق التغاير لا مجرد الترادف، وذلك لما سننقل من كلام القسطلاني وابن الجزري، وهما من أعمدة هذا العلم.

فالقسطلاني- وهو يمثل المذهب الرابع - يقرر" أن الاختلاف في الأحرف السبعة اختلاف تنوع وتغاير، لا تضارب وتناقص، إذ هو محال أن يكون في كتاب الله (38).

(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) (البقرة/259).

ثم يقسم القسطلاني اختلاف الأحرف إلى ثلاثة أحوال:

1 - اختلاف اللفظ، والمعنى واحد: كالصراط والسراط ونحوها.

2 - اختلاف اللفظ والمعنى مع جواز اجتماعهما في شئ واحد: مثل (كيف ننشرها) بالراء و الزاي، فمعنى ننشزها (بالزاي) أنه رفع بعض العظام علي بعض حتى قامت. ومعني ننشرها (بالراء) أن الله أحيا العظام. فضمن الله تعالى المعنيين في القراءتين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير