وهكذا يُطبِّق الخطاب العلماني المقولة الماركسية على القرآن من خلال وسمه بالأيديولوجيا حيث أحدث انقلاباً في الوعي الاجتماعي العربي، ويصبح القرآن مشروعاً أيديولوجياً يخدم طبقته الصاعدة ().
هذا الموقف نفسه الذي تعنيه إحدى الباحثات حين تقرر أن "" النص يعفو متى وجب، ويأمر بالقتل متى استقام له الأمر، فاكتسب بذلك دلالة جديدة تجمع بين المتناقضات عسى أن تؤلف بين الجموع المتنافرة "" ().
ومن ذلك ما يوحي به خليل عبد الكريم إلى قارئه () حين يتجنب دائماً أن يشير إلى نزول القرآن، ويربط نزوله دائماً بإرادة النبي ? ورغبته في حل الأزمات وهذه بعض كلماته في ذلك:
"" ولكن كما رأينا فيما سلف عندما تتأزم المشكلات، ويقع كبراء الصحابة في ورطة يسعفهم محمد [?] بالحل بأن يتلو عليهم آيات من القرآن تأتي بالفرج بعد الشدة "" ().
ويقول أيضاً: "" وتَوصَّل محمد [?] إلى حل لظاهرة الزنا، وهو أن يتلو عليهم قرآناً يحرم الزنا "" (). محمد [?] يحل لعمر الورطة التي وقع فيها بأن يتلو آية قرآنية ().
كان فصل الخطاب يأتي عن طريق آيات يقرؤها محمد [?].
في سبيل علاج جريمة الزنا قرأ محمد [?] قرآنا حمل العقاب الصارم. ولم يكتف محمد [?] بقراءة آيات من القرآن ().
وعن أحاديثه [?] يقول الأفاك: ""وكان استعمال محمد [?] لأحاديثه هو كسلاح يفل به شوكة العلاقات الجوانح "" ().
هذا لون من ألوان الزندقة التي يتفنن في التعبير عنها بعض العلمانيين أمثال خليل عبد الكريم والقمني وغيرهم.
ثانياً – تمييع التفرد القرآني:
1 - دمجه في إطار النصوص المحرفة والمزورة:
يريد الخطاب العلماني أن يطمس المصطلح القرآني في وسط ركام هائل من المصطلحات الجديدة التبشيرية أو الحداثية أو الأدبية، وذلك لكي يشتِّت خصوصية المصطلح القرآني، ويدمجه في إطار تداولي وضعي مادي إنسي بشري، فبالإضافة إلى وصف القرآن بأنه نص أو خطاب هكذا بدون أي إضافة () يوصف القرآن أحياناً ببعض الأوصاف المستوردة من اللاهوت المسيحي مثل وصف القرآن بأنه الكتاب المقدس أو النص المقدس، أو التبشير القرآني، التبشيرية القرآنية أو الخطاب التبشيري () أو " سفر الخروج القرآني " ()
ويُصنَّف القرآن أحياناً تحت مصطلح الخطاب النبوي ويُقصد به القرآن والسنة وذلك لدمج القرآن مع السنة وزحزحة تفرده ()، وأحياناً يُراد بهذا المصطلح - الخطاب النبوي- القرآن والتوراة والإنجيل () ويُعتبر القرآن على ذلك نسخة منقَّحة من بعض الحشو الذي كان في التوراة والإنجيل ().
ويُصنَّف الإسلام تحت اسم " مجتمعات الكتاب أو أديان الوحي " أو " التراثات المقدسة " () شاملاً بذلك اليهودية والنصرانية والإسلام ()، والمساجد تسمى كنائس، والعلماء لاهوتيون أو أرثوذكسيون ().
والفائدة من هذا الدمج للقرآن والإسلام عموماً مع المسيحية أو اليهودية وإسقاط المصطلحات التبشيرية على القرآن ليس إلا لتمييع التفرد القرآني والإسلامي، وخلطه مع أنماط محرَّفة أو مزوَّرة أو مهجورة، كما انه يخفف من وطأة النقد عندما توضع هذه الأديان جميعاً في سلة واحدة ومن ضمنها الإسلام ليناله ما نال الأديان الأخرى من دراسات نقدية أجهضتها وأفقدتها مصداقيتها التاريخية "" لقد فعل ذلك [أركون] لكي يبرهن على إمكانية الخروج من أسر السياج الدوغمائي المغلق، وذلك عن طريق إجراء زحزحات منهجية وإبستمولوجية على الفكر الديني التوحيدي "" ().
2 - دمجه في إطار النصوص الإنسية البشرية:هذه المصطلحات التبشيرية تتوازى أيضاً ولنفس الغرض مع مصطلحات أخرى أدبية وفلسفية تطلق على القرآن الكريم من أجل زحزحة المفاهيم الإسلامية المقدسة واستبدالها بمفاهيم جديدة تقبل النقد والتحوير والإسقاط فيسمى القرآن " اللوغوس القرآني " () أو يوصف القرآن الكريم بأنه رواية أو مجموعة روايات () أو حكايات () أو ملاحم دراماتيكية () منفتحة على العجيب المدهش الساحر الخارق الخلاب ().
¥