تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه الروايات القرآنية والتي يفضل القرآن أن يسميها قصصاً بدلاً من أساطير () أُلِّفت لأغراض تبجيلية وجدالية ()، ونتج عن ذلك أنواع من "" الخلط والحذف والإضافة والمغالطات التاريخية أحدثتها الرواية القرآنية بالقياس إلى معطيات التاريخ الواقعي المحسوس "" (). فالقرآن إذن – بنظره - يزوِّر التاريخ الحقيقي، لأن التاريخ المحسوس لا يمدنا بوثائق عن بعض الأقوام مثل ثمود وعاد ().

أما حدث جمع القرآن فيسمى " واقعة المَصْحَفَة " (). والمصحف يسمى " المدونة القرآنية " ()، أو " المدونة النصية القرآنية " أو " المدونة الرسمية " أو " النص الرسمي القانوني " (). أما الآيات القرآنية فتسمى مقاطع، والآية أو السورة أحياناً تسمى مقطع (). أو تسمى " وحدات نصية "، والآية " وحدة نصية " ()، أو تسمى الآية " المنطوقة اللغوية " ()، أو تسمى الآية علامة والآيات علامات ().

ويوضح هاشم صالح لماذا تُستخدم هذه المصطلحات الألسنية الجديدة في وصف القرآن بدلاً من الأسماء والأوصاف والمصطلحات التي يعرفها المسلمون حين يقول: "" نلاحظ أن أركون يستخدم مصطلحات ألسنية محضة للتحدث عن القرآن فهو يقول المنطوقة أو العبارة اللغوية بدلاً من الآية القرآنية، ويقول المدوَّنة النصية بدلاً من القرآن ... وسبب ذلك أنه يريد تحييد الشحنات اللاهوتية التي سرعان ما تستحوذ على وعينا عندما نتحدث عن القرآن، فالقداسة اللاهوتية أو الهيبة اللاهوتية العظمى التي تحيط بالقرآن منذ قرون تمنعنا من أن نراه كما هو: أي كنص لغوي مؤلف من كلمات وحروف وتركيبات لغوية ونحوية بلاغية ... بمعنى آخر: إن المادية اللغوية للقرآن اختفت تماماً أو غابت عن أنظارنا بسبب الهيبة العظيمة التي تحيط به، وميزة القراءة الألسنية هي أنها تحيِّد الهيبة ولو للحظة من أجل فهم التركيبة النصية أو اللغوية للقرآن، وتزداد هذه الهيبة في ما يخص سورة الفاتحة لأنها مستخدَمة يومياً في الشعائر والطقوس أي في الصلاة أساساً، وبالتالي فإن نزع الهيبة عنها ورؤيتها في ماديتها اللغوية أمر بالغ الصعوبة "" ().

إن هذا الكلام فيه كثير من الخلط والتزوير لأن المسلمين عبر تاريخهم درسوا القرآن الكريم بمختلف الوسائل اللغوية نحواً وبلاغة ونظماً، وهناك تفاسير تعتمد المنهج اللغوي كأساس، وأخرى تركز على الجانب البلاغي والفني، وثالثة تهتم بالجانب الكلامي أو الفلسفي، ورابعة تعتني بالمباحث الفقهية والأصولية، ولم تحل قداسة القرآن دون ذلك، لأن كل أشكال الدراسة والتفسير للقرآن التي تبحث عن الحق تدخل في إطار التدبر لآيات الله، والتفكر بمعانيها وهو ما يحث القرآن الكريم عليه.

3 – تمييع مفهوم الإعجاز:إن المراد لدى الخطاب العلماني ليس هو التمكن من دراسة القرآن وفهمه وإنما زعزعة الاعتقاد الراسخ في قلوب المؤمنين بكونه كلاماً متعالياً مقدساً مهيمناً حاكماً، لأن هذا الاعتقاد يحول دون تمرير الخطاب العلماني لمراداته المناهضة للنص القرآني والمصادمة له. إن زعزعة القداسة تتيح لهؤلاء الناس أن يحيِّدوا قائل النص ومنزله، وغض النظر عن أي تميُّز أو تفرُّد يمكن أن يحتفظ به القرآن الكريم زيادة على النصوص البشرية، ومن هنا يصبح القرآن الكريم نصاً مثله مثل بقية النصوص، ولكن لكي يطيِّب الخطاب العلماني خواطر المؤمنين يُقال عنه بأنه نص بامتياز () أو أدب عظيم (). ومعنى كونه نص بامتياز يعني أنه "" نص مفتوح واحتمال لا يتوقف عن التأويل "" ()، أي أنه يستجيب لكل ما يريده منه الناس دون تردد "" ولا يمكن لأي تفسير أو تأويل أن يغلقه أو يستنفده بشكل نهائي أو أرثوذكسي "" (). إنه نص كغيره من النصوص الثرية الراقية ()، مثله مثل النص الفلسفي () أو النص الماركسي يقبل تعدد الأفهام والقراءات ().

وإعجازه كإعجاز أي نص آخر لأن "" كل نص ذاتي خصوصاً هو باعتبار ما، وبلحظة ما، نص إعجازي فهو من حيث ذاتيته متفرد وذو خصوصية تمنعه من أن يتماثل مع سواه من النصوص، محققاً بذلك ما ندعو هنا ببعض التحفظ الاصطلاحي الأصالة "" ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير