تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

• وفي الإسلام حلال وحرام وجائز وممنوع ومقدس ومدنس، بينما يرفض الخطاب العلماني أن يكون هناك محرمات أو مقدسات، لأن ذلك يحاصر العقل ويحول بينه وبين الانطلاق والإبداع ويسبب له عملية كبت.

• والقرآن الكريم بنظر الخطاب العلماني يتحدث من قمة التعالي والرسوخ والهيبة، وذلك لكي يخلع الكونية على الأحداث الجزئية، ويفقد صفته التاريخية فيبدو وكأنه خارج التاريخ، وبذلك يغطي القرآن على تاريخانيته ببراعة أيديولوجية عن طريق ربط نفسه باستمرار بالتعالي الذي يتجاوز التاريخ الأرضي، ومهمة الخطاب العلماني هي نزع هالة القداسة عن الوحي، وتعرية الآليات الأيديولوجية التي يمارسها القرآن الكريم، وذلك بأن يُنظَر إليه ليس على أنه كلام آتٍ من فوق، وإنما على أنه حدث واقعي، وأن ندرسه بوصفه نصاً فقط، دون أي اعتبار لبعده الإلهي، لأن ذلك يعكر الفهم العلمي له، كذلك لا بد من تجاوز عقبة الخوف من نقد القرآن والرهبة من إخضاعه للتحليل وذلك لكي نحافظ على تماسكنا المنهجي بنظر الخطاب العلماني.

• ولكن النقد العلماني للقرآن الكريم يسلك المنهج الأحادي التفكيكي أو اللغوي وكل دراسة لا تلتزم بهذا المنهج – الوحيد – ستكون منخرطة في شبكة الإجابات الجاهزة، ودوامة التشويش الأيديولوجي، وترتدي ثياب التراث في أشد اتجاهاته تخلفاً ورجعية.

• ولا بد – بنظر الخطاب العلماني- أن تمر الدراسات القرآنية عبر البوابة الفلسفية الغربية الإنسية والماركسية والنسبوية والهرمينوطيقية حيث عندئذ سيصبح النص قابلاً لكل الأفهام، ويغدو خطاباً بشرياً مُدمَجاً في دوامة النصوص المختلفة دون أي تميز أو تفرد، وذلك من أجل زعزعة الاعتقاد الراسخ في قلوب المؤمنين بكونه كلاماً متعالياً مقدساً معجزاً فهو نص كبقية النصوص ولكنه نص بامتياز، وإعجازه كإعجاز أي نص آخر ولا يختلف عن بقية الآثار والتحف الفنية الراقية، وبذلك يتبعثر تفرد القرآن الكريم في وسط الركام الإنسي، وتتقوض قداسته بين المناهج العبثية والعدمية. وحيئذ يمكن للخطاب العلماني أن يتقدم خطوة أخرى باتجاه كسر القداسة فيتجرأ على وصف القرآن الكريم بأنه يدعو إلى النفور بعرضه غير المنظم، وإيحاءاته وأساطيره.

• وأخيراً: لا بد من التذكير أننا لا يجب أن نغفل عن التحالف المتجدد والمستمر بين الإمبريالية الأمريكية والأوربية من جهة والعلمانية العربية من جهة أخرى في المعركة مع المصحف الشريف، وآخر جولات هذه المعركة كانت امتداداً لانتهاك القداسة القرآنية على المستوى الفكري والمعرفي التنظيري حيث دفع الجنون الصليبي بالمعركة إلى المستوى السلوكي التطبيقي وقد تمثل ذلك في جولتين أخيرتين هما:

- الحملة الأمريكية المسعورة لنشر ما أسموه [فرقان الحق] وواجبنا نحن أن نكشف الزيف ليأخذ الكتاب المذكور اسمه الحقيقي وهو [بهتان الحق] وهذا برأيي لون من حرب المصطلحات يقتضي منا أن نواجه المصطلحات المغرضة المزيفة بمصطلحات توازيها قوة ومتانة في فضح الزور وتعرية الباطل.

- والجولة الثانية تمثلت في الجنون الإعلامي الأمريكي والأوربي في ممارسة ونشر وترويج حملة تدنيس المصحف الشريف في سجون العراق وأفغانستان والسجون الإسرائيلية أيضاً، وكل ذلك يسير وفق خطة مدروسة ومبرمجة وهي محاولة نزع القداسة عن القرآن الكريم وانتهاك حرمته، وبالتالي حفز المسلمين على التمرد على مشاعر الرهبة والخوف والإجلال لهذا القرآن، ومن ثم هجر إرشاداته وتعاليمه وهدايته لأنها هي الحاجز المتين، والسياج الحصين الذي يحول دون تسلل العولمة الغربية إلى الفضاء الإسلامي. والله أعلم.

[يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون] سورة التوبة آية: 32

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم

والحمد لله رب العالمين


د. أحمد إدريس الطعان
كلية الشريعة – جامعة دمشق
بريد إلكتروني: [email protected]

ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[31 May 2006, 08:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام أرجو المعذرة لعدم وضع الهوامش ...
لأنني استأنت دار النشر التي ستطبع البحث بنشر بعض المباحث في المواقع الإلكترونية فأذنوا لي بذلك بشرط عدم وضع مصادر البحث ... وجزاهم الله خيراً أن أذنوا لي بهذا الحد من النشر ..
حيث الأصل عدم السماح بذلك ...
والسلام عليكم ورحمة الله

ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 May 2006, 11:43 م]ـ
شكر الله لك أبا أسيد هذا الطرح العميق , وجعله في موازين حسناتك , ولقد أحسنت صنعاً وفقك الله بطرح الموضوع هنا , فلا تعارض والحمد لله , وليت بقية إخواننا يصنعون كما صنعت.

ـ[الجندى]ــــــــ[02 Jun 2006, 01:35 ص]ـ
جزاك الله خيراً
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير