وحتى عند الجمهور عندما قالوا يعمل به في فضائل الأعمال ضمن شروط معينة، فالنظر في موقف الجمهور هذا يدل على أنه ليس حجة، وإلا لعمل به في الأحكام وغيره، ولما كانت هناك حاجة للشروط التي وضعت للعمل بالحديث الضعيف.
*أما قولكم " الاضطراب لا يكون إلا عند اختلاف الروايات اختلافاً حقيقاً لا يمكن الجمع بينها أبداً سنداً ومتناً ولم نعلم المتقدم من المتأخر فيها وهذا غير متوافر في أحاديث وصف الصراط التي أوردتموها بأسانيدها على عهدتكم"
فهذا الكلام في واقع الأمر صحيح نظريا، أما تطبيقيا فغير مسلم بصحته، ولذا عندما تنظر إلى كثير من الأحاديث التي حكم عليها بالاضطراب قد لا تجد تطبيقا للجانب النظري.
من ذلك مثلا حديث" مَنْ لَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ " حكم عليه البعض بالاضطراب للاختلاف بين رفعه ووقفه، ا، انظر: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - (ج 3 / ص 15 والاختلاف الموجود يمكن أن يحل بالقول إنه روي مرة مرفوعا ومرة موقوفا، أي أننا عندما ننظر إلى تعريف المضطرب في كتب أصول الحديث يعسر علينا ان نحكم على هذا الحديث بالاضطراب، بل إني أقول لك يا أخي مرهف إذا أخذنا بتعريف المضطرب كما هو موجود في أصول الحديث فقد لا تجد مضطربا أبدا اللهم إلا حديث: ليس في المال حق سوى الزكاة إن في المال حق سوى الزكاة، وذلك لسبب واحد أن العلاقة بينهما هي علاقة سلب وإيجاب، والله تعالى أعلم.
أما قولكم" أقول إن روايته [رواية ابن لهيعة] في وصف الصراط ليست ضعيفة وإنما أقل ما يقال فيها هي من الحسن لغيره "
هذا الكلام فيما أتصور غير دقيق والله تعالى أعلم، لأنك عندما تقول أقل ما يقال فيها هي من الحسن لغير، فمؤدى هذا أنها تحتمل ان تكون اعلى من ذلك، وأعلى من الحسن لغيره هي: الصحيح لذاته، الصحيح لغيره، الحسن لذاته.
لا يمكن ان تكون الرواية من الصحيح لذاته لأن كل سند رواية من رواية الصراط الذي ذكر فيها وصف الصراط بانه أدق من الشعر وأحد من السيف لم تخل من نقد فكيف يكون صحيحا لذاته.
ولايمكن – فف تصوري أن تكون من قبيل الصحيح لغيره، لأن هذا يفترض أن تكون رواية ابن لهيعة من نوع الحسن لذاته أولا وهو أمر غير مسلم به وتتعضد هذه الرواية من النوع التي هي من الحسن لذاته من وجه آخر مثلها أو أقوى منها حتى تنتقل إلى الصحيح لغيره، وهذا غير مسلم به.
كما أنها في تصوري ليست روايته من الحسن لذاته، لأن الفارق بين الحسن لذاته وبين الصحيح لذاته هو خفة الضبط، والنقد الذي وجه إلى ابن لهيعة ليس خفة ضبط، بل هي أكثر من ذلك حتى قال الذهبي " الذهبي:» ابن لهيعة تهاون بالإتقان، وروى مناكير، فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم، وبعض الحفاظ يروي حديثه ويذكره في الشواهد والاعتبارات والزهد والملاحم لا في الأصول، وبعضهم يبالغ في وهنه ولا ينبغي إهداره، وتُتجنب تلك المناكير فإنه عدل في نفسه «سير أعلام النبلاء 8/ 14.
وفي هذا السياق يقول أبو زرعة:» كان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه «، انظر: ابن أبي حاتم الرازي، الجرح والتعديل:5/ 147.
فالمسألة ليست مسألة خف ضبط حتى يكون حديثه من الحسن، فهو ضعيف في ذاته
بقي الاختلاف بيننا أخي مرهف فيما أتصور هل روايته هنا تعد من قبيل الحسن لغيره، أنت هذا ما تره، وانا أرى غير ذلك،
مع العلم أن إطلاق الاحتجاج بالحديث الحسن لغيره غير مسلم به، ويحتج بالحديث الحسن لغيره إذا ورد من طرق يحصل من مجموعها ما يترجح به جانب القبول، فإن كان كذلك قبل وإلا فلا، وأنا أرى في واقع الأمر أن هذا الحديث أن هذه الروايات لا ترقى به إلى مستوى الاحتجاج والله تعالى أعلم.
ورواية مسلم له مقرونا بغيره ترجح ضعفه، فهو لم يرو له أصالة، والله تعالى اعلم.
==========
د. حسن الخطاف/ كلية الشريعة بجامعة دمشق.
ـ[مرهف]ــــــــ[25 Jul 2006, 06:21 م]ـ
فضيلة الدكتور حسن حفظكم الله
أولاً أشكركم على سعة صدركم، والحقيقة وددت أن لا أكون منفرداً في نقاش هذه المسألة وأن لا تتشعب في الجزئيات وننسى أصل المسألة، والحمد لله أنكم حصرتم الاختلاف في المسألة بيننا في كون الحديث من الحسن لغيره أم لا، وأنتم لا ترون ذلك ولكم رأيكم، ولكن لا بد من إبداء بعض الأمور ومنها:
¥