فهل وفق التراجمة أم ضاعوا وضيعوا وهل كانوا فعلاً فرساناً للتنوير أم شيئاً آخر غير ذلك.
21 - الموسيقية والشاعرية لدى التراجمة بالنص القرآني: من المعلوم أن أصعب الترجمات لدى الباحثين والمجربين من التراجمة أمور علم النفس وبالتالي مشاعر الإنسان وحيثياته ولما كان كل إنسان عالماً بذاته:
وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
فإن ألفاظ الحب والكره وتسميات الانفعالات بشتى صورها وأصدائها تعجز تحت كل التسميات عن التعبير عما يجول في هذا القلب الإنساني والذهن البشري، وبالتالي فإن ترجمة الشعر شيء عسير إن لم يكن مستحيلاً، أما ترجمة ما في آي القرآن مما تثيره من أحاسيس تدمع لها القلوب قبل العيون وتسجد لها العقول قبل الجباه خشوعاً ويقينياً وفي ذلك يقول مار مادوك بكتال: فالترجمة الناجمة عن هذا الجهد ليست هي القرآن الكريم " ذلك السيمفونية " المقطوعة النظير التي سينزل إيقاعها وتلحينها دموع الناس، فيرقى بهم إلى حال من ا لنشوة " .. فليس من ذلك شيء في الترجمات بل تثير هذه الترجمات الشعرية والقرآنية في أكثر الأحايين أحاسيس الغثيان Nausée والتثاؤب والتعب وكأن المرء يجبر على أكل ثمار حجرية يحتسي معها الغسلين الآسن .. الملوث بالرمال وهذا ما شعر به مارتن لوثر منذ سبعمائة سنة ونيف وكذلك هولوبيك في القرن العشرين.
ومن العجب أن نرى أن بعضاً من التراجمة قد أخذ على عاتقه أن يقدم الآيات حسب هواه- بطرائق موسيقية كما فعل د. محمد سعيد الرشد وزوجه الدكتورة إيمان فاليريا بوروخوفا في ترجمتها للغة الروسية، إن د. بوروخوفا تنقل عن زوجها المعاني كما يصرح هو ذاته في إحدى المقالات وتموسقها وترسم لوحتها الإعجازية وصورها البلاغية فهي –كما يقول – أديبة روسية ويقول حرفياً "كانت تكتب ما أترجمه لها بصور أدبية فيها سجع ونغمة محببة للنفس لأن من أهداف الترجمة أن يستمتع القارىء الروسي بقراءة القرآن كما يستمتع بذلك القارىء العربي "
فهل أحاط هؤلاء وأمثالهم بالموسيقا ومعنى المفردات وأحكام التجويد ومخارج الحروف وطبقوها في ترجماتهم أم راحوا يخوضون ويلعبون ويلهون؟؟
ولدينا على ذلك دراسات مقارنة حول بضعة ترجمات ...
22 - موضوع التخصصات العلمية وعلاقتها بالمترجمين يقول ج. بيرس ثمة ما يسمى بجهل العلماء ذلك أن من يتحدث بغير تخصصه كمن يمشي في طريق ممتلىء بالألغام، فمن يتخصص بالفلسفة، أو بعض من تخصصاتها لا يمكنه مطلقاً أن يقف إماماً في محراب التخصصات الطبية ومن له دراية باللغة أو بعض من تخصصاتها لا يمكنه أن يكون السابق ولا المصلي ولا المجلي ....
وعل ذلك فإن تصدق مقولة بيرس فإن على جميع أهل التخصصات الدقيقة و العميقة جداً في شتى اختصاصات الاختصاصات أن يدلوا بدلائهم بعد كل تمحيص كي يجرؤوا على تفسيراتهم ويختموها بعبارة ضرورية هي " والله أعلم " ... كما كان يفعل كبار الباحثين الذين يحترمون أنفسهم ومتلقيهم باحترامهم النصوص وأوجهها.
وأضرب أمثلة سريعة على خطأ كثير من المدعين ومنهم مثلاً ريجيس بلاشير الذي قال بأن العلق هو خثرة دموية متجلطة (متخثرة) والأمر غير ذلك لدى المتخصصين في علم الأجنة Embryologie وأمور مثل ذلك كثير فقد قال المترجم محمد حميد الله إن معنى "المرصوص " في الآية " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص " أن البناء من الرصاص " plomb" وأشياء كثيرة مثل هذا ...
23 - رصف الأختام والتوقيعات على كثير من الترجمات
من الأخطاء الكبيرة جداً رصف الأختام والموافقات على كثير من الترجمات كما نرى على الترجمة للروسية من معهد البحوث الإسلامية للأزهر وكذلك على ترجمة ماسون أنها قد أخذت موافقة مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وهناك ترجمات عديدة مثل ترجمة جان غروجان الحائز على موافقة الأزهر وغير ذلك ...
وكذلك ترجمة القاسمي فخري التي حازت على موافقة دار الإفتاء في طرابلس لبنان والمضحك انه قد كتب عليها: نوافق على الترجمة الإنكليزية على نص الترجمة الفرنسي؟
هذا غيض من فيض من ملاحظات تلمسناها على بعض الترجمات التي بين أيدينا
وفي الختام نقول بعد عمل دؤوب لدينا وثائقها في دراساتنا المقارنة
أليس فك خيوط الحرير الأنثوية الرقيقة من كدسة عوسج
¥