تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بمراجعة ما يقوله لوجدنا أخطاء لا تحصى ... لكن المسألة الخطيرة التي استطاع أبو القاسم إنجازها هي ابتكار منهج جديد في فهم القرآن أسهم ـ على علاّته ـ بالدفع نحو تطوير الدراسات القرآنية، كما أنه قدم أفكاراً على غاية من الأهمية، ثم إنه كان على طول أطروحته وتطوراتها اللاحقة في الأبحاث الأخرى مدافعاً شرساً عن إطلاقية القرآن ونسبته الإلهية. لقد كان مؤمناً بشدة بالقرآن، لكنني ما كنت أتوقع أن ينتهي في دراساته نهايات مخيبة للآمال، لم أتوقع أبداً أن يتأثر (في دراساته الأخيرة) بشحرور مثلاً، شحرور أقل عدة بكثير من أن يتأثر به أبو القاسم، وشحرور يقف على خلفية فلسفية ماركسية، لقد كنت أتوقع من أبي القاسم أن يطور منهجه، لكنه بدل أن يتطور تراجع، ورسالته لي في (23/ 3/2004) كانت في جوهرها تأكيداً لنفس المنهج منذ خمس وعشرين عاماً! أما محمد أركون فليس يخفي رغبته بأنسنة النص، وإحالته إلى التاريخ، أركون مؤمن بالعلمانية بالمعنى المادي العقدي، الرجل ينظر إلى النص على أنه من إنتاج محمد (صلى الله عليه وسلم) حسب كلامه فإنه يريد "أرخنة الخطاب القرآني ذاته" و"تأصيل وتجذير للإسلام في أرض المعرفة الوضعية" من أجل "أن نعيد القرآن بشكل علمي إلى قاعدته البيؤية والعرقية ـ اللغوية والاجتماعية والسياسية ـ الخاصة بحياة القبائل في مكة والمدينة في بداية القرن السابع الميلادي" (حسب تعبيره حرفياً) هذه الأهداف يصرح بها في أكثر من موقع في مختلف كتبه، وخصوصاً كتبه الأخيرة منذ عام 1998 (أي منذ كتاب: "قضايا في نقد العقل الإسلامي: كيف نفهم الإسلام اليوم"). وحتى لو كان أركون يسعى نحو التاريخية، فإن ذلك لا يمنع أن دراسات أركون التي تقوم على تعدد منهجي تقدم إسهاماً رائعاً في فهم القرآن فيما لو حذفنا شقها الأيديولوجي، فمثلاً دراسته لمفهوم الوحي كتابه "القرآن" ... أركون عالم كبير، لكنه أيديولوجي مثله مثلَ كثيرين غيره، ومسألة أرخنة القرآن جوهر عمله في سياق رغبته الإصلاحية بـ "تحديث الإسلام"، أي إدخال العالم الإسلامي في نسق الحداثة الغربية ذاتها، تماماً كما حصل مع المسيحية. أنا لا أنصح أبداً أن يقصي الباحث أي دراسة عنه مادامت جادَّة، لكن لا يعني هذا أن تدرَّس في جامعتنا التي اعتادت على التلقي، على الأقل في المراحل الجامعية الأولى، فمن المبكر أن يحصل هذا، يجب إصلاح التعليم أولاً، وليس ثم ما يمنع بعد ذلك من تدريس أي شيء من ذلك، أنا من حيث المبدأ ضد القيود، ليس هناك تطور للمعرفة دون حرية، الحَجْرُ يضر بالبحث العلمي، ولا يملك أحد الوصاية على الآخرين.

س: اقترب مالك بن نبي من إنجاز دراسة قرآنية في كتاب "الظاهرة القرآنية" قدم فيها تحديدات أساسية للتعامل فكريا مع القرآن في ضوء علاقة المثقف المسلم وتأثره بالفكر الغربي، لكنه لم يفعل كون إشكاليته الأساسية تختص بعلاقة النبي (ص) بالوحي (القرآن)، لكن ألا ترى أن النتائج التي توصل إليها كانت ستكون المنطلق الأفضل للتقدم بمسيرة التفاعل مع القرآن في حين نجد أن أغلب المفكرين التالين له و الذين خاضوا في مكاشفة القرآن معنى ومنهجا بصورة تنطبق كثيرا على انتقادات بن نبي للمثقفين الذين بهرتهم وضعية الغرب وواقعيته إلى حد أنهم تجرؤا على أنسنة القرآن وأرخنته؟

لم أفهم سؤالك جيداً، لكن ... ما قدمه بن نبي مهم جداً على بساطته، وهو بداية مهمة لاكتشاف الشخص الثالث في الخطاب القرآني (أعني (الله) تعالى)، ما قدمه بن نبي يستحق المتابعة، وللأسف لم تتابع، واعتمد بن نبي أدوات تحليل بدائية نسبة إلى ما هو موجود اليوم، ونحن مدعون لمتابعة هذا النوع من الدراسات المقارنة مع الكتب السماوية الأخرى (الإنجيل والتوراة)، ونحن في هذا المجال ما زلنا في البداية وعلى الرغم من أن لدينا ما نقوله، لكن الدراسات القرآنية مشغولة بعد بمسائل تقليدية .... أغتنم هذه الفرصة لأدعو الباحثين للتقدم باتجاه دراسات تحليل الخطاب المقارنة بين القرآن والكتب الأخرى، واعتقادي أن دراسات عميقة من هذا النوع مفيدة في مواجهة التاريخانية التي يتعبد بها الاستشراق التقليدي. أشير في هذا السياق إلى الدراسة المهمة التي قام بها الدكتور مصطفى بوهندي (نشرتها "دار الطليعة" في بيروت 2004) وهي دراسة مميزة، يمكن أن يبنى عليها ويتابع الجهد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير