ولكن السؤال الأهم الذي حاول البحث أن يجيب عنه هو أين موقع النموذج الإسلامي في هذه الدوامة الحضارية اليوم؟ وما هو الدور الذي يمثله القدوة المسلم للإنسانية في أمسِّ حاجاتها وأحرج لحظاتها؟
لا شك أن لدينا في تراثنا وتاريخنا نماذج مشرّفة توجه مسيرة فكرنا، وتؤسس قواعد حياتنا، وقد سعى أعداء الخير دائماً إلى تشويه صورة هذه النماذج، والتعتيم عليها لأنها علامات حضارية تحفظ الوجود، وتنير الدروب. ولكن المأساة الكبرى حين يأتي التخريب من الداخل وباسم التعمير، ويرتدي شيوخ البراجماتزم العمائم والجبب، ويتلوَّن الدين بألوان هذه العمائم، وبدلاً من أن تكون العمامة مَغرماً وتضحية ومسئولية، تصبح مغنماً ومكسباً ومطية، وكل من طمع بوصل ليلى تسمى قيساً، وهيهات أن يغني الاسم عن المسمى.
إن شيوخ البراجماتزم أخطر على ديننا وحضارتنا ومستقبل أمتنا من مستشرقي أوربا ومبشريها، وأخطر من صنائعهم العلمانيون المزروعون فيما بيننا من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وذلك لأن المستشرقين والمبشرين قد بان إخفاقهم بعد أن انكشف الزيف، وزال ركام الباطل، والعلمانيون هم غراس أولئك يوشك أن تيبس وتجف كما يبس الأصل وجف، ولولا حال الأمة المتردي، ودعم الغرب المستبدّ، لما قامت لهم قائمة في بلادنا.
لقد هدف البحث إلى الكشف عن خطورة الاستخدام النفعي للدين، والتقنع وراء مظاهر المقدس للوصول إلى مآرب شخصية، ومكاسب دنيوية، وحاول التذكير بالقدوة المرتكسة في الحداثة الغربية، والتي أثمرت ثماراً خبيثة على مستوى الحضارة البائسة اليوم، للتحذير من لون آخر أشد فتكاً منها في بلادنا وحضارتنا لأنه يرتدي ثوب الدين ويتستر بردائه. إنها صيحة نذير، وزفرة مكلوم، تبتغي آذاناً صاغية، وقلوباً واعية، وإن أهم وصية أخرج منها في هذا البحث هي:
تشكيل هيئة لعلماء المسلمين في هذا البلد تكون مهمتها التعاون على البر والتقوى، والتشاور في القضايا الكبرى، والبت في المسائل المعضلة، وخصوصاً تلك التي تلتبس فيها السياسة بالدين، والتي تحتاج إلى موقف حازم متحرر من الإكراهات السياسية أو الشعبوية.
قد يقال إن هذه الهيئة سوف يشترك فيها من لا ثقة فيه أيضاً، ومن لا يمكن إقصاؤه عنها، ونبقى في المشكلة ذاتها، وأقول: إن الناس سيعلمون أن ما يصدر عن الهيئة موضع ثقة، وما لا يصدر عنها موضع شك، ولو نجحنا في تشكيل مرجعية جماعية موثوقة للناس تعكّر على الأقل على شيوخ البراجماتزم، وتحرجهم حين يخرجون عنها لكان ذلك إنجازاً مهماً، بدلاً من المرجعيات المتعددة المتصارعة. والله تعالى أعلى وأعلم.
للتواصل: [email protected]
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
داريا - 27/ 1 / 2007 ليلة السبت.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Feb 2007, 12:46 م]ـ
يا ليتك يا دكتور احمد تعيد تنزيل هذا البحث حتى تظهر حواشية فتتم الفائدة اكرمكم الله وشكر لكم حرصكم
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[18 Feb 2007, 08:49 م]ـ
سيدي الفاضل أشكر اهتمامكم بارك الله فيكم هذا رابط للبحث منشور فيه بهوامشه
والسلام عليكم ورحمة الله
http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1717
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[03 Mar 2007, 06:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Mar 2007, 08:06 م]ـ
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل د. أحمد إدريس الطعان
على هذا البحث المفيد الرائع القيم
لكنه لفت نظري أنكم ضممتم عين العمامة، وهي بالكسر، وهي:
عِمَامَةٌ - وجمعها: عَمَائِمُ، وعِمَامٌ.
وجاء في تاج العروس:
(على أَن تكون الكسرَةُ في الجمعِ غيرَ الكسرةِ التي كانت في الواحدِ،
والأَلفِ غير الأَلفِ، لكنها كسرةُ الجَمْعِ وأَلِفُه، فتكونُ الكسرةُ في الواحِدِ ككسرةِ عينِ عِمَامةٍ ... )
وشكرا
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[03 Mar 2007, 11:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً لك أخي عمار وأكرمك الله ...
أخي مروان أشكر لك ملاحظتك القيمة، والحقيقة أنه قد نبهني أحد الإخوة إلى ذلك منذ أيام في محاضرة بشكل شفهي ... وكنت أزمع تعديل ذلك ولكني كنت أتوقع أن تأتي هذه الملاحظة سريعاً من أعضاء الملتقى فهم أهل اللغة والتفسير وقد طال انتظاري حتى تفضلتم بالتصحيح، وتكرمتم بالتنويه شكر الله لكم ذلك وبارك فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[04 Mar 2007, 11:44 ص]ـ
وأنتم أيضا
جزاكم الله خيرا
أخانا الفاضل د. أحمد إدريس الطعان
على هذا البحث القيّم المتميّز
وعلى هذه الأخلاق العالية
والأريحيّة العلميّة المثاليّة
والتأخر ما كان مقصودا؛
لأنني لم أقرأ بحثك الرائع
هذا إلا البارحة؛ فمعذرة
وشكرا لك
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[04 Mar 2007, 07:29 م]ـ
ضم العمامة جائزٌ يا شيخنا ** أفتى بهذا الكلّ بالإجماع!
¥