تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذه الصعوبات وغيرها تفرض على المترجم أن يكون أهلاً لهذه المهمة العظمى، بأن تتوافر فيه مجموعة من الأمور الضرورية واللازمة؛ لأن ترجمة القرآن الكريم اليوم "أصبحت علماً يحتاج إلى القواعد والضوابط التي اشترطها أهل الفن من العربية، وعلوم الإسلام، والعلوم الإنسانية واللغوية، وهذه العملية ليست منفرة ولا شاذة، بل تخضع لشروط تفسير القرآن الكريم، لأن الترجمة هي من قبيل التفسير وتدخل في علم التفسير" ([21]). وللعلامة سيدي عبدالله كنون كلام جامع في المسألة. يقول رحمه الله: "من المشكلات التي تواجه الدعوة الإسلامية في العصر الحاضر: ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية، ذلك أن القرآن – كما هو معروف – في القمة من البلاغة العربية، ولأجل النفاذ إلى أسراره، وفهم مقاصده، يجب أن يكون المترجم ممن لهم تضلع في قواعد اللغة العربية نحواً ولغةً وبياناً، وذلك فضلاً عن المعرفة بعلوم القرآن وأسباب النزول والفقه والحديث والتفسير .. " ([22])

الفصل الأول:

تاريخ ترجمة المستشرقين لمعاني القرآن الكريم وبيان خطرها

المبحث الأول: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن من قبل المستشرقين وبيان أشهر مدارسها

المبحث الثاني: في بيان خطرها على القرآن الكريم

المبحث الأول: تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن من قبل المستشرقين وبيان أشهر مدارسها

عدَّ الغرب النصراني الإسلام منذ البداية خطراً حقيقياً يتهدده مما جعله يخشى ويخاف أول الأمر من ترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية لقرون

طويلة، حيث لم تظهر أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن إلا بعد حوالي خمسة قرون من ظهور الإسلام، وبعد تدخُّل مارتن لوثر ونشر أول ترجمة لاتينية لمعاني القرآن أصبح هناك اتجاه قوي في الغرب لا يمانع في ترجمة القرآن إلى اللغات الأوربية ولكنه يسعى إلى توظيف هذه الترجمة في توجيه المزيد من الطعنات إلى الإسلام ([23]).

فتتابعت الترجمات وشملت معظم اللغات الحية، وبخاصة الإسبانية والألمانية الإنجليزية والفرنسية، حتى إنه لا توجد اليوم لغة أوربية أو شرقية إلا وفيها ترجمة أو ترجمات عدة لمعاني القرآن الكريم.

إن اللغة اللاتينية هي اللغة الأولى التي ترجم إليها القرآن الكريم، في المحاولة الأولى التي احتضنتها الأندلس (إسبانيا) " ويبدو أن الترجمة اللاتينية التي صار لها رواج في اللغات الأوربية هي ترجمة دير كلوني. إذ إن سقوط القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية عام 1453م رافقه نشوء الدول القومية في غرب أوربا مثل إسبانيا وفرنسا والبرتغال التي شجعت

التدوين باللغات الوطنية، واعتمدت في ذلك على ما قد دون أو ترجم عن الإسلام إلى اللاتينية. وقد ترجمت نسخة كلوني إلى اللغات الإيطالية

والألمانية والهولندية والفرنسية والإنكليزية والروسية ([24]).

والمهم أن نعلم أن حركة ترجمة القرآن الكريم من قبل المستشرقين عرفت مدارس متخصصة عنيت بالموضوع أشهرها وأهمها: المدرسة الإسبانية والمدرسة الألمانية والمدرسة الإنجليزية.

المطلب الأول: عناية المدرسة الاستشراقية الإسبانية بترجمة القرآن الكريم:

لم يحظ الاستشراق الإسباني بدراسة كافية بالرغم من أهميته البالغة؛ إذ هو الأصل والأساس لجميع المدارس الاستشراقية الأوربية الأخرى ([25])، بل

يعد الاستشراق الترجمي في أوروبا عامة عالة على المدرسة الإسبانية.

لقد أدى استيلاء ألفونسو السادس على طليطلة سنة: 1085ه‍ إلى أن يسعى النصارى إلى تحقيق هدفين متكاملين ([26]):

أولهما - تصحيح نصرانية المستعربين بالأندلس وتهذيبها من الفساد الذي اكتسبته من جراء التقائها بالإسلام - حسب زعمهم -.

وثانيهما - معرفة هذا الدين لتيسير إمكان مواجهته ونفيه، وإقامة سد منيع بينه وبين إفساد النصرانية من جديد.

انطلقت هذه العملية من دير كلوني بوصفها توبة وتكفيراً حربياً عن الغضب الإلهي الذي تمثل في انتشار الإسلام وتوسعه. اقتضت إدارة هذه الحرب وضمان استمرارها، أن انتقل النصارى من تعرف الإسلام إلى تنظيم معرفته وتعميقها عبر ترجمة معانيه مصدرها القرآن الكريم.

وبهذا كانت الأندلس (إسبانيا) منطلق بداية المحاولات الأولى لترجمة القرآن الكريم في أوروبا ([27]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير