تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانيهما – استثمار الترجمات لشن المزيد من الغارات والهجمات الشرسة على الإسلام.

فلا ينبغي أن ننخدع بما قد يظهره بعض المستشرقين من تعاطف بالغ مع قضايا الإسلام ومن ذلك: استشهادهم بنصوص قرآنية مسندين إياها إلى الله تعالى، فالأمر لا يعدو أن يكون مظهراً جمالياً وحضارياً يسعى من ورائه المستشرق إلى التقرب إلى المسلمين وكسب مودتهم ([43]).

إن الازدواج والتناقض سمتان رئيستان عند متعصبي المستشرقين، فالواحد منهم يجد نفسه أحياناً مضطراً إلى مدح الإسلام حتى ينجو بنفسه من سوء العقاب، وأحياناً أخرى يهرب هؤلاء المستشرقون المتعصبون من التخصصات التي تنكشف فيها بسهولة أحقادهم وسمومهم، مثل العقيدة والتفسير بل وجميع الدراسات الإسلامية، فيتوجهون إلى دراسة الأدب ويتخذونه قناعاً يخفون وراءه وجههم القبيح. وهو ازدواج ظاهري فحسب إذ إن الموقف الأساسي هو واحد، لا ازدواج فيه، ولا تناقض.

ومن أمثلة هذه الازدواجية الظاهرية في سلوك المستشرقين: ما عرف من سلوك المستشرق الألماني يوسف فان إس فهو شديد التحامل على الإسلام، يشن هجمات شرسة عليه عندما يكون في قلعته الحصينة في جامعة تيبينغن، ولكن عندما تضطره الظروف للسفر إلى دولة إسلامية، تجده يلبس قناعاً ملوناً عجيباً يخفي وراءه كل هذه الأحقاد، فلا يتحدث عن الإسلام إلا بالمدح والإطراء ([44]).

المطلب الثاني: الشواهد على ذلك من كلامهم

لقد أعلنوا عن دوافعهم هذه وصرح بها بعضهم، والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها:

1 - ما صرح به المترجمون أنفسهم، من ذلك:

- صنيع المترجم جورج سيل (1697 – 1736م) الذي ترجم معاني القرآن إلى الإنجليزية – وقد نجح في ترجمته هذه فأعيد طبعها مراراً ووضع لها حواشي ومقدمة مسهبة هي في الحقيقة بمنزلة مقالة إضافية عن الدين الإسلامي عامة، حشاها بالإفك واللغو والتجريح، مما قاله: "أما أن محمداً كان في الحقيقة مؤلف القرآن والمخترع الرئيس له فأمر لا يقبل الجدل، وإن كان من المرجح أن المعاونة التي حصل عليها من غيره في خطته هذه لم تكن معاونة يسيرة" ([45])

- ما بينه المستشرق الكبير (ريجيس بلاشير) في مقدمة كتابه عن القرآن كيف أن ترجمة القرآن الكريم كانت بدافع الحقد الصليبي المعادي للإسلام وليست لهدف علمي كما يدعي بعضهم. يقول: "من المرجح أن بطرس الموقر – الذي رحل إلى إسبانيا بين 1141م و1143م – هو الذي فكر بتأثير من روما ومن البابا في ترجمة القرآن إلى اللاتينية فأوعز بذلك إلى (روبيرت الكيتوني) Rodestus detenesis الذي تولى عمل الترجمة بمساعدة بعض الرهبان، وقد جاءت هذه المبادرة بدافع من روح طبيعية، تدل على ذلك رسالة بطرس الموقر الموجهة إلى القديس برنار مع نسخة من الترجمة المنجزة، كما كان الداعي إلى هذا العمل: الحاجة إلى محو أثر الإيمان من نفوس معتنقي الإيمان" ([46]).

2 - شهادة المنصفين منهم، ولنأخذ على ذلك بعض الأمثلة:

- يقول الأب (روبير كاسبار): "إن الغرب لم يفهم الإسلام على حقيقته أبداً، بل ولم يحاول ذلك مطلقاً .. وحتى خيرة المسيحيين القلائل الذين كانوا يعيشون علىمقربة من الإسلام من أمثال يوحنا الدمشقي، وتيودر أبي قرة، أو بولس الصيدوني، فلم يتمكنوا من إدراك جوهر الإسلام وعظمته، وهي: التصعيد إلى الله الواحد الأحد. ولعل ذلك يرجع أساساً إلى أن الغرب المسيحي اكتفى قروناً طويلة بتلطيخ الإسلام ونبيه (صلى الله عليه وسلم) بأسخف الأقوال من دون أن يكلف نفسه عناء دراسة هذه العقيدة. فأول ترجمة للقرآن لم تظهر سوى في القرن الثاني عشر أي بعد خمسة قرون من ظهور الإسلام، وتمت بناء على مبادرة من بطرس المبجل، وتحت إشراف أسقف دير كلوني ولا بد لنا من إضافة أن هذه الترجمة وكل الترجمات التي تلتها لم تكن لها أي هدف آخر سوى أن تكون الأساس لتوجيه المزيد من الإدانات ضد القرآن، تلك الإدانات التي امتدت سلسلتها على مدى قرون تتناثر عليها بعض أشهر الأسماء" ([47]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير