تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن هذا في حق غير التائب، ولهذا استدل أهل السنة بهذه الآية على جواز المغفرة لأهل الكبائر في الجملة خلافا لمن أوجب نفوذ الوعيد فيهم من الخوارج والمعتزلة (مجموع الفتاوى 18/ 191).

(2) إن مشكلة الخوارج - كما ذكرت مرارًا وأكرر -: أنهم عمدوا لآيات نزلت في الكفار فوضعوها في المسلمين وهذا ما يفعله تماما المدعو أحمد صبحي منصور. فتحت عنوان (ليس هناك خروج من النار للعصاة المسلمين) ص 26 كتب يقول: " القاعدة واضحة {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81] " اهـ.

والقاعدة السابقة التي يروجها أحمد صبحي منصور هي نفسها أيضا القاعدة التي أسسها شكري أحمد مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة، ونفس هذه الآية والاستدلال بها هي بالنص الحرفي أحد أركان استدلال زعيم التكفير والهجرة الشهيرة، والجواب عليهما سهل ميسور: فالسيئة هنا التي توجب الخلود في النار هي الشرك كما قال حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس وأبي وائل ومجاهد وقتادة وعطاء وغيرهم كما في تفسير الطبري (1/ 304، 305). ومما يؤكد ذلك قوله في الآية {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} أي أحاطت بعاملها فلم تدع له منفذًا وهذا لا يكون إلا في الشرك فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته. قال العلامة عبد الرحمن السعدي: " وقد احتج بهذه الآية الخوارج على كفر صاحب المعصية وهي حجة عليهم كما ترى فإنها ظاهرة في الشرك وهكذا كل مبطل يحتج بآية أو حديث صحيح على قوله الباطل، فلابد أن يكون فيما احتج به حجة عليه " اهـ " (تيسير الكريم المنان ص 49)

(3) ومن غلوه وتطرفه ونزقه الجهول أنه أدخل أصحاب النبي الكريم في النار مخلدين فيها، بعد موقعة الجمل وصفين، بما في ذلك الصحابة الذين كانوا في معسكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أو من كانوا في المعسكر المقابل وهو في ذلك يزايد في التكفير حتى على غلاة الشيعة أنفسهم: فيقول ص 16 من كتابه المذكور آنفا: " فما مصير الصحابة والسلف الصالح الذين اقتتلوا فيما بينهم في خلافة علي في " الجمل " و " صفين " و " النهروان " حيث زاد القتلى على مائة ألف؟ إن اختراع أحاديث الخروج من النار كان في الأغلب لتبرئتهم من قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} " اهـ.

فبماذا يرد هذا المتطرف على ما جاء في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]. فهاتان الطائفتان من المؤمنين اقتتلوا وحمل السلاح بعضهم على بعض ومع ذلك سماهم مؤمنين. وماذا يقول في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى .. } إلى قوله {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178]. فالله تعالى سمى المقتول أخًا للقاتل مع أن قتل المؤمن من كبائر الذنوب. فالقتل الذي يخلد صاحبه في النار كما هو مذهب أهل السنة والجماعة هو فيمن استحل ذلك.

4 - ويحكم أحمد صبحي منصور أيضا على الزاني بالخلود في النار فيقول ص 16: " والمسلم الزاني خالد في عذاب شديد " اهـ. وص 17: " فالعصاة المسلمون إذا ماتوا بدون توبة فمصيرهم الخلود في النار " اهـ.

هكذا يكرر المتطرف الغالي مذهب شكري مصطفى حذو القذة بالقذة، وكأنه يحيي من جديد تراث جماعة التكفير والهجرة بعد أن اندثر، وهو نفسه أيضا مذهب الخوارج فيحكم على عصاة المسلمين بالخلود في النار، وهذا من عواقب الجهل بالسنة والجهل بالقرآن أيضا الذي يدعي به نسبا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير