تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقول بالعموم أولى، وأن كل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه. والآية بسط في التسلية؛ أي لا تهتم يا محمد للدنيا وأهلها فإنا إنما جعلنا ذلك امتحاناً واختباراً لأهلها؛ فمنهم من يتدبّر ويؤمن، ومنهم من يكفر، ثم يوم القيامة بين أيديهم؛ فلا يعظُمنّ عليك كفرهم فإنا نجازيهم.

ومعنى هذه الآية ينظر إلى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:

«إن الدنيا خضرة حلوة والله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون» (63)

. وقوله صلى الله عليه وسلم:

«إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا» قال: وما زهرة الدنيا؟ قال: «بركات الأرض» (64)

والمعنى: أن الدنيا مستطابة في ذوقها معجبة في منظرها كالثمر المستحلى المعجب المرأى؛ فابتلى الله بها عباده لينظر أيّهم أحسن عملاً. أي من أزهد فيها وأترك لها؛ ولا سبيل للعباد إلى بغضة ما زيّنه الله إلا (أن) يعينه وهكذا هو المكثر من الدنيا لا يقنع بما يحصل له منها بل همّته جمعها؛ وذلك لعدم الفهم عن الله تعالى ورسوله؛ فإن الفتنة معها حاصلةٌ وعدم السلامة غالبة، وقد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه. وقال ابن عطية: كان أبي- رضي الله عنه- يقول في قوله: «أحسن عملاً» أحسن العمل أخذٌ بحقّ وإنفاقٌ في حق مع الإيمان، وأداء الفرائض واجتنابُ المحارم والإكثارُ من المندوب إليه.

قلت (65): هذا قول حسن، وجيز في ألفاظه بليغ في معناه، وقد جمعه النبيّ صلى الله عليه وسلم في لفظ واحد وهو قوله لسفيان بن عبد الله الثَّقَفيّ لما قال: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ـ في رواية: غيرك. قال: «قل آمنت بالله ثم استقم» (*). وقال سفيان الثّوريّ: «أحسن عملاً» أزهدهم فيها. وقد اختلفت عبارات العلماء في الزهد؛ فقال قوم: قصرُ الأمل وليس بأكل الخشن ولبس العباءة؛ قاله سفيان الثّوريّ. قال علماؤنا: وصدق رضي الله عنه فإن من قَصُر أملهُ لم يتأنّق في المطعومات ولا يتفنّن في الملبوسات، وأخذ من الدنيا ما تيسّر، واجتزأ منها بما يبلِّغ. وقال قوم: بغضُ المحمدة وحبِّ الثناء. وهو قول الأوزاعيّ ومن ذهب إليه. وقال قوم: ترك الدنيا كلها هو الزهد؛ أحَبَّ تركها أم كره. وهو قول فضيل. وعن بشر بن الحارث قال: حبُّ الدنيا حبُّ لقاء الناس، والزهد في الدنيا الزهد في لقاء الناس. وعن الفضيل أيضاً: علامة الزهد في الدنيا الزهد في الناس. وقال قوم: لا يكون الزاهد زاهداً حتى يكون ترك الدنيا أحبَّ إليه من أخذها؛ قاله إبراهيم بن أدهم. وقال قوم: الزهد أن تزهد في الدنيا بقلبك؛ قاله ابن المبارك. وقالت فرقة: الزهد حبّ الموت.

والقول الأول يعم هذه الأقوال بالمعنى فهو أولى.

من كتاب الزينة في القرآن

ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[27 - 04 - 2006, 06:32 ص]ـ

قال الله تعالى:

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلا} (62).

كنت قد قرأت تفسيراً حول قوله تعالى: {أَحْسَنُ عَمَلا} حيث قال الله تعالى أحسن ولم يقل أكثر. وذلك لأن أحسن تشمل أمرين اثنين هما: أصوبه واخلصه؛ والمقصود من أصوبه هو أن يكون العمل صواباً أي يكون موافقاً للسنة المطهرة، وأخلصه أن يكون لله جل ثناؤه. فالمطلوب من المسلم أن يجعل عمله موافقاً للسنة، وخالصاً لوجهه الكريم.

والشكر للأخت أحلام على ما تتحفنا به من جواهر القرآن.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير