[من صفات الشيطان المعنوية]
ـ[أحلام]ــــــــ[29 - 04 - 2006, 10:30 م]ـ
اللعن والرجم:
صفتان اكتسبهما أبو الشياطين إبليس لما عصى ربه استكباراً وكفراً بعدم السجود لآدم، وهما متلاصقتان في المعنى فكلاهما تعني الطرد والرمي والإبعاد.
أما اللعين " فأصل اللعن: الإبعاد، وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط وغضب " ()، وأما الرجم والرجيم: " فأصل الرجم: الرمي بقول كان أو بفعل ومن الرجم بالقول قول أبي إبراهيم صلوات الله عليه: ? لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ () وقد يجوز أن يكون قيل للشيطان: رجيم، لأن الله جل ثناؤه طرده من سماواته، ورجمه بالشهب الثواقب " ()، " والرجيم: المرجوم، صُرِف من مفعول إلى فعيل، وهو: المشتوم، كذلك قال جماعة من أهل التأويل " ().
وقد وردت هاتان الصفتان في مواضع كثيرة بلفظيهما وبألفاظ مقاربة كلها تدل على العيب والنقص والنفي والطرد من رحمة الله، ومن تلك الألفاظ المتقاربة: الذأم، والدحر، يقول تعالى: قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً ... () " ومذءوماً أي: مذوماً، والذأم: العيب بتخفيف الميم، قال ابن زيد: مذؤوماً ومذوماً سواء، يقال ذأمته وذممته وذُمْته بمعنى واحد، وقال مجاهد: المذؤوم المنعي، والمعنيان متقاربان، والمدحور: المبعد المطرود، وأصله: " الدفع " ().
وقد ركزت الآيات القرآنية على بيان لعنة ورجم إبليس وطرده من رحمة الله، بتلك الألفاظ المختلفة التي ذكرنا، أما لعنة ورجم أتباعه فبديهيٌّ بالاتباع له وإن كان قد ورد لعن الشيطان بشكل عام في آيات قلائل أمثال قوله تعالى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (.
بعض اللطائف حول الآيات:
ورد لعن إبليس في آيتين متشابهتين باختلاف حرف واحد وذلك في سورتي الحجر و ص، ففي الحجر قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ()، وفي سورة ص يقول: وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ () ففي آية الحجر جاء اللعن مطلقاً دون تقييد، وفي ص جاء مضافاً إلى رب العزة سبحانه وتعالى وفي ذلك يقول أبو السعود: " وتقييدها بالإضافة مع إطلاقها في قوله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ لما أن لعنة اللاعنين من الملائكة والثقلين أيضاً من جهته تعالى، وأنهم يدعون عليه بلعنة الله تعالى وإبعاده من الرحمة إلى يوم الدين " ().
الطغيان ومجاوزة الحد:
ونتيجة لهذا الطرد الرباني للمستكبرين المتعالين، زاد بعض المعاندين في عِنْدِهِم، وجاوز بعض المستكبرين في غيّهم، وطغى أتباع إبليس في الأرض، وتجبروا بغير الحق كفراً وعناداً وتحدياً سخيفاً لرب العزة ? لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً) فكانت النتيجة أن سمى الله طغاتهم بالطاغوت، أي: المتجاوز للحد في العصيان والضلال والإضلال لغيره، يقول تعالى: كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى " أي لَيتجاوز الحد في المعصية واتباع هوى النفس ويستكبر عن ربه عز وجل " () وهذا في حق شياطين الإنس الذين تفوقوا على شياطين الجن في هذه الصفة بالذات دون غيرها.
ولذلك ترى القرآن حين يتحدث عن الطغيان يورده في معرض الحديث عن الإنس، فهذا عليه لعنة الله يصفه الحق سبحانه وتعالى بالطغيان ? اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى () " وطغى: معناه عصى وتكبر وكفر وتجبر وجاوز الحد " (.
وفي معرض الحديث عن بني إسرائيل يحذرهم الله من الطغيان وتجاوز الحد يقول تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى () " أي لا تحملنكم السعة والعافية أن تعصوا، لأن الطغيان هو التجاوز إلى ما لا يجوز. وقيل: المعنى: أي لا تكفروا النعمة ولا تنسوا شكر المنعم بها عليكم " ().
وقد توعد الله سبحانه وتعالى الطغاة بالعذاب الشديد في الآخرة بالخلود في جنهم: فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى () "أي عتا عن أمر ربه فعصاه ولم يطعه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه
منقول عن كتاب من خطوات الشيطان رسالة ماجستير 0وائل عمر بشير