تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[جمهرة البلاغة (منقول)]

ـ[أبومصعب]ــــــــ[26 - 08 - 2006, 07:50 م]ـ

جمهرة البلاغة

الدكتور أحمد مطلوب

عضو المجمع العلمي العراقي وأمينه العام - بغداد (1)

عُني القدماء عناية فائقة بالبلاغة العربية، وكانت تلك العناية مبكرة، ظهرت بذورُها الأولى في كتاب سيبويه، ومجاز القرآن لأبي عبيدة، ومعاني القرآن للفراء. وأعطت تلك البذور نباتاً طيباً، ظهر في قواعد الشعر لثعلب، والبديع لابن المعتز الذي يُعَدّ رائداً في التأليف البلاغي. وتوالى التأليفُ في البلاغة، وظهرت كتب كثيرة منها: نقد الشعر لقدامة بن جعفر، وكتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري، والعمدة لابن رشيق، وأسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني، والمثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، والجامع الكبير لضياء الدين بن الأثير، والبرهان، والتبيان لابن الزَّملكاني، ونهاية الإيجاز لفخر الدين الرازي، وبديع القرآن وتحرير التحبير للمصري.

وكانت هذه الكتبُ تتخذ عدة طرق في التصنيف، وكانت المَسْحَةُ الأدبيةُ تلوِّنها بألوان زاهية، وإشراقة ناصعة، تحبِّبُ البلاغة، وتجعلًُ الدارسين يُقْدِمون عليها.

ولم تبق البلاغة حرة في التَّقسيم والعرض، فقد ظهر في القرن السادس للهجرة في خوارزم عالم هو السكاكي المتوفى سنة (626هـ) للهجرة الذي ألف كتاب "مفتاح العلوم" وخَصَّ القسم الثالث منه بالبلاغة التي قَسَّمها إلى علم المعاني، وعلم البيان، ووجوه يُؤتى بها لتحسين الكلام، وهي التي أطلق عليها بدرُ الدين بن مالك (686هـ) في كتابه "المصباح" اسم "البديع".

وسيطر المنهجُ السكاكيُّ على دراسة البلاغة، وأول من تأثر به بدر الدين بن مالك، ثم تلاه الخطيب القزويني (-739هـ) في كتابيه "التلخيص" و"الإيضاح". وتوالت الشروح والتلخيصات، وكان سعد الدين التفتازاني، والسبكي، وابن يعقوب المغربي، وغيرهم من أعلامها.

وحينما أطلّ القرنُ العشرونَ الميلادي نَهَدَ بعض المؤلفين ووضعوا كتباً بلاغية لم تخرج عما اختطَّه السكاكيّ في "مفتاح العلوم". وحاول المتأخرون أن يضعوا منهجاً جديداًَ ولكن لم تتضح السبيل، ولم يأتوا بما يجعل البلاغة قريبةً إلى النفوس على الرغم مما قام به المرحوم أمين الخولي صاحب "فن القول" من رسم منهج جديد لم يطبق حتى اليوم.

وكثرت الدراساتُ، وتنوَّعت الاجتهاداتُ حتى إذا وصلت الأسلوبيةُ بمعناها الغربيّ تمسك بها بعضهم، ودعا إلى هجر البلاغة العربية والأخذ بالأسلوبية التي هي الوريث الشرعي للبلاغة كما يقول الدكتور عبد السلام المسدي ومَنْ شايعه من المبهورين الذين انتهوا إلى تقسيم كتبهم الأسلوبية إلى مستويات ثلاثة هي: المستوى الصوتيّ، والمستوى التركيبيّ، والمستوى الدلاليّ، وما هذا إلا التقسيم الثلاثي للبلاغة العربية التي حصرها السكاكي في ثلاثة علوم هي: علم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع.

ولايزال الباحثون والدارسون يُجرِّبون، ولا يزال بعضهم يُنادي بالبلاغة الجديدة التي نادى بها الغربيون في الثلث الأخير من القرن العشرين، ولم تثمر تلك المناداة حتى اليوم بما يطمئن إليه الدرسُ البلاغيّ وتهشّ له النفوس.

ولم يقف أمر البلاغة عند هذا الحد، بل أسهم قوم في البحث خدمةً للقرآن الكريم في غير أرض العرب، ومنهم عبد الحميد الفراهي الذي دعا إلى الأخذ ببلاغة العرب لا بلاغة العجم، في كتابه "جمهرة البلاغة" الذي طبع سنة 1340هـ في (أعظم كره) بالهند ونفدت نسخه قبل أن يصل إلى البلاد العربية.

ومؤلف الكتاب هو عبد الحميد بن عبد الكريم بن قربان بن قنبر بن تاج علي حميد الدين أبو أحمد الأنصاري الفراهي نسبة إلى القرية التي وُلِدَ فيها (فراه)، وكانت أسرته قد هاجرت من المدينة المنورة إلى أفغانستان، وأقامت زمناً في (فراه) فلما نزحت إلى الهند، ونزلت في هذه القرية، سميت باسم موطنها، وتحرفت على ألسنة الناس إلى (فريها).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير