بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[05 - 09 - 2006, 09:55 م]ـ
قال تعالى على لسان إبراهيم الخليل عليه السلام: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37]. وسؤالي هو: لِمَ اختار التعبير القرآني (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) دون غيرها من الصفات التي تتبادر إلى الذهن؟ فلو اراد الإنسان العاديّ أنْ يصف وادياً جافّاً، لأمكنه أنْ يقول مثلاً: بوادٍ لا زرع فيه، أو بوادٍ غير مزروع، أو أيّ صفة غيرها، دون أنْ يفكّر طويلاً بنسق الكلام وتوازنه.
أمّا القرآن الكريم فقد جعله الله تعالى (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) [الزمر: 28]، فالعوج ليس ممكناً فيه، وليس من صفاته، وليس من خصائصه، إنّ العوج يستحيل عليه. فكلمة (ذي) تفيد التصاق الصفة بالموصوف، فكأنّها من الصفات اللازمة له والثابتة فيه.
وهكذا يمكن أنْ يُفسَّر قوله تعالى (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ). فهذا الوادي غير قابلٍ للزراعة. ولو قال تعالى "بوادٍ غير مزروع" لما دلّ على هذا المعنى، لأنّ كلمة "غير مزروع" تفيد نفي الحال لا دلالة المحال. ثمّ لنا في الباء نظرة أخرى: فقد أرادها الله عزّ وجلّ بدلاً من "في"، فقال سبحانه: (بوادٍ) ولم يقل "في وادٍ"، مع أنّها هي التي تتبادر إلى الذهن. فلعلّها تدلّ على التصاق ذريّة الخليل إبراهيم عليه السلام بهذا الوادي المبارك.
وفوق كلّ ذي علم عليم.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[06 - 09 - 2006, 01:43 ص]ـ
شكرا أستاذ لؤي
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[06 - 09 - 2006, 02:51 م]ـ
بارك الله فيكم، يا أستاذ لؤي، ونفع بكم.
قال بعضهم: إنما قال إبراهيم - عليه السلام - ذلك لأن هذا الوادي من حجر، فليس صالحًا للزراعة، أصلاً، ولم يصفه بخلوه عن الماء، لعلمه بأن الله لا يضيع زوجه وابنه، عليه السلام. وقيل إن الوادي مظنة اجتماع السيل فيه، لكن المحتاج إليه هو الثمرات، وقال هذا افتقارًا إلى الله تعالى.
قصة أم إسماعيل - رحمها الله - مع إبراهيم - عليه السلام - في صحيح البخاري، رحمه الله. وفيها فوائد جمّة.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[06 - 09 - 2006, 06:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الأستاذ لؤي وجزاه الله خيراً
الشيخ الشبل: وفقك الله ورعاك
بوركتم جميعاً
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[23 - 09 - 2006, 12:34 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
قال بعضهم: إنما قال إبراهيم - عليه السلام - ذلك لأن هذا الوادي من حجر، فليس صالحًا للزراعة، أصلاً، ولم يصفه بخلوه عن الماء، لعلمه بأن الله لا يضيع زوجه وابنه، عليه السلام. وقيل إن الوادي مظنة اجتماع السيل فيه، لكن المحتاج إليه هو الثمرات، وقال هذا افتقارًا إلى الله تعالى. قصة أم إسماعيل - رحمها الله - مع إبراهيم - عليه السلام - في صحيح البخاري، رحمه الله. وفيها فوائد جمّة.
أستاذي الموقرّ خالد الشبل - أدام الله أيامك وأحيا بك العلم وطالبيه ..
لعلّ ما تفضلّت بذكره هو الذي جعل بعضهم يقول: إنّ تقنيات الدنيا كلّها لا تستطيع أنْ تجعل من هذا الوادي وادياً مزروعاً، أو قابلاً للزراعة. فمع أنّ التقنية الحديثة والعلم المتقدّم قد حفر جبال مكة - شرّفها الله - وجعل فيها الأنفاق الواسعة وبنى فيها العمارات العالية والقصور الشامخة، لكنّه لم يستطع أنْ يزرع الجبال السوداء الصوانية الصمّاء. وعلماء الجيولوجيا يقولون: إنّ حجارة جبال مكة الصوانية هي من أقسى أنواع الحجارة، ولو أمكن لتلك الجبال أن تُزرع لأُنفِقت فيها الملايين، ولكن في الحياة أشياء لا يصنعها المال وإن كثُر ..