وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
ـ[سليم]ــــــــ[24 - 04 - 2006, 12:22 ص]ـ
يقول الله تعالى:"وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) /النساء.
في هذه الايام يحتفل النصارى بما يسمونه (عيد الفصح) اليوم الذي يدّعوا فيه أن المسيح عليه السلام قُتل وأحياه الله بعدها, واود هنا ان أُذكر النصارى والمسلمين بقصة سيدنا عيسى عليه السلام.
قال إبن عاشور:" إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم، فَمحلّ المؤاخذة عليهم منه: هو أنّهم قصدوا أن يعدّوا هذا الإثم في مفاخر أسلافهم الراجعة إلى الإخلاف بالعهد المبيّن في سبيل نصر الدين.
والمسيح كان لَقباً لعيسى ـــ عليه السلام ـــ لقَّبه به اليهود تهكّماً عليه: لأنّ معنى المسيح في اللغة العبرية بمعنى المَلِك، كما تقدّم في قوله تعالى: {اسمه المسيح عيسى ابن مريم} في سورة آل عمران (45)، وهو لقب قصدوا منه التهكّم، فصار لقباً له بينهم. وقلب الله قصدهم تحقيره فجعله تعظيماً له. ونظيره ما كان يطلق بعض المشركين على النبي محمّد اسم مذمَّم، قالت امرأة أبي لهب: مذمَّماً عصينا، وأمره أبينا. فقال النبي ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم قريش ولعنهم، يشتمون ويلعنون مذمّماً وأنا محمد.
وقوله: {رسول الله} إن كان من الحكاية: فالمقصود منه الثناء عليه والإيمان إلى أنّ الذين يتبجّحون بقتله أحرياء بما رتّب لهم على قولهم ذلك، فيكون نصبُ {رسول الله} على المدح، وإن كان من المحكي: فوصفهم إيّاه مقصود منه التهكّم، كقول المشركين للنبيء صلى الله عليه وسلم {يَا أيّها الذي نُزّل عَلَيْهِ الذكر إنَّكَ لمجْنون} [الحجر: 6] وقول أهل مدين لشعيب
{أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنَّك لأنْتَ الحليمُ الرشيد} [هود: 87] فيكون نصب «رسول الله» على النعت للمسيح. انتهى.
الآية نتفي اولاً القتل "وَمَا قَتَلُوهُ " وبعدها مباشرة تنفي الصلب"وَمَا صَلَبُوهُ " بحرف العطف الواو, وذلك أن نقي القتل قد لا ينفي الصلب ,وكما ان الصلب لا ينفي القتل ,ولكن الآية هنا نفت الفعلين القتل والصلب فهو أبلغ في النفي فيما تباهى به اليهود قتلة الانبياء. واستدرك الكلام بلكن واتصال لكن بواو العطف ونفي ما قبلها يجعل من لكن حرف استداك, والمستدرك هو ما أفاده {وما قتلوه} من كون هذا القول لا شبهة فيه.
ومن الملاحظ ايضًا ان آخر الآية يثبت نفي القتل يقينًا "وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ",واليقين: العلم الجازم الذي لا يحتمل الشكّ، وقوله {يقيناً} يجوز أن يكون نصب على النيابة عن المفعول المطلق المؤكِّد لمضمون جملة قبله: لأنّ مضمون: {وما قتلوه يقينا} بعد قوله: {وقولهم إنّا قتلنا المسيح} إلى قوله {وما قتلوه وما صلبوه ولكنّ شبّه لهم} يدلّ على أنّ انتفاء قتلهم إيّاه أمر متيقّن، فصحّ أن يكون يقيناً مؤكّداً لهذا المضمون. ويصحّ أن يكون في موضع الحال من الواو في {قتلوه}، أي ما قتلوه متيقّنين قتْلَه، ويكون النفي منصبّاً على القيد والمقيّد معاً، بقرينة قوله قبله {ومَا قتلوه وما صلبوه}، أي: هم في زعمهم قتْله ليسوا بمُوقنين بذلك للاضطراب الذي حصل في شخصه حينَ إمساك من أمسكوه، وعلى هذا الوجه فالقتل مستعمل في حقيقته.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[24 - 04 - 2006, 03:54 ص]ـ
فوائد ماتعة
أمتعك الله بقواك وصحتك وعلمك.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 04 - 2006, 06:45 ص]ـ
قال إبن عطيّة في المحرر الوجيز
(وقال قوم من أهل اللسان: الكلام تام في قوله {وما قتلوه} و {يقيناً} مصدر مؤكد للنفي في قوله {وما قتلوه} المعنى يخبركم يقيناً، أو يقص عليكم يقيناً، أو أيقنوا بذلك يقيناً،)
وقال أبو حيّان في البحر
(وانتصاب يقيناً على أنه مصدر في موضع الحال من فاعل قتلوه أي: متيقنين أنه عيسى كما ادعوا ذلك في قولهم: إنا قتلنا المسيح قاله: السدي. أو نعت لمصدر محذوف أي: قتلاً يقيناً جوزه الزمخشري. وقال الحسن: وما قتلوه حقاً انتهى. فانتصابه على أنه مؤكد لمضمون الجملة المنفية كقولك: وما قتلوه حقاً أي: حق انتفاء قتله حقاً.)
وقول إبن عاشور في التحرير والتنوير
(وقوله {يقيناً} يجوز أن يكون نصب على النيابة عن المفعول المطلق المؤكِّد لمضمون جملة قبله: لأنّ مضمون: {وما قتلوه يقينا} بعد قوله: {وقولهم إنّا قتلنا المسيح} إلى قوله {وما قتلوه وما صلبوه ولكنّ شبّه لهم} يدلّ على أنّ انتفاء قتلهم إيّاه أمر متيقّن، فصحّ أن يكون يقيناً مؤكّداً لهذا المضمون)
أرغب كثيرا في أن نوازن بين الأقوال فنخرج بنتيجة---
ما رأيكم؟؟
¥