تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"قل هو اللَّه أحد "

ـ[سليم]ــــــــ[15 - 05 - 2006, 08:30 م]ـ

السلام عليكم

يقول الله تعالى في سورة الاخلاص او المقشقشة:"قل هو اللَّه أحد ",قبل الخوض في تفسيرها سوف اعرض اسباب نزولها:

قرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود والربيع بن خيثم: " قل هو الله أحد الواحد الصمد "، وروى أبي بن كعب أن المشركين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسب ربه تعالى عما يقول الجاهلون فنزلت هذه السورة، وروى ابن عباس أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد صف لنا ربك وانسبه فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها، فارتعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر مغشياً عليه ونزل عليه جبريل بهذه السورة، وقال أبو العالية قال قتادة: الأحزاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك، فأتاه الوحي بهذه السورة.

الاعراب: وهو ابتداء و {الله} ابتداء ثان و {أحد} خبره، والجملة خبر الأول.

معناها: المعبود بالحق، الواجب الوجود، المستحق للكمالات {أحَدٌ} لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لا يتبعّض ولا يتجزّأ, ولا يُحد، ولا يُحصَى، أول بلا بداية، وآخر بلا نهاية، ظاهر بالتعريف لكل أحد، باطن في ظهوره عن كل أحد.

وقال ابن سينا في تفسير له لهذه السورة: إن {أحد} دالّ على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلاً لا كثرةً معنوية وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول، ولا كثرة حسيّة وهي كثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلاً كما في المادة والصورة. والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم، وذلك متضمن لكونه سبحانه منزهاً عن الجنس والفصل، والمادة والصورة، والأعراض والأبعَاض، والأعضاء، والأشكال، والألوان، وسائر ما يُثلم الوحدة الكاملة والبَساطة الحَقَّة اللائقة بكرم وجهه عز وجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء. وتبيينُه: أما الواحد فمقول على ما تحته بالتشكيك، والذي لا ينقسم بوجه أصلاً أولى بالوحدانيَّة مما ينقسم من بعض الوجوه، والذي لا ينقسم انقساماً عقليّاً أوْلَى بالوحدانية من الذي ينقسم انقساماً بالحسّ بالقوة ثم بالفعل، فـ {أحد} جامع للدلالة على الوحدانية من جميع الوجوه وأنه لا كثرة في موصوفه اهـ.

واما قوله تعالى:"قل" قيدل على امرين, اولهما: إِظهار العناية بما بعد فعل القول كما علمت ذلك عند قوله تعالى:

" قل يا أيها الكافرون " [الكافرون: 1] ,ثانيهما: انها جواب سؤال المشركين, حيث قالوا: انْسُبْ لنا ربك، فكانت جواباً عن سؤالهم فلذلك قيل له: " قل " كما قال تعالى:" قل الروح من أمر ربي " [الإسراء: 85]_وهذا قول إبن عاشور_.

واما "هو الله أحد" فهو الشأن العظيم الذي اراد رب العزة ان يظهره جوابًا على اسئلة الكفار والمشركين,"هو" ضمير عائد الى رب العزة عندما سألوه عليه الصلاةوالسلام أن ينسب لهم ربه, و"الله" اسم الجلاله اي انه هو من تسألونني عنه, و"أحد" اسم بمعنى (وَاحِد). وأصل همزته الواو، فيقال: وحَد كما يقال: أحد، قلبت الواو همزة على غير قياس لأنها مفتوحة (بخلاف قلب واو وُجوه) ومعناه منفرد, واما سبب اختيار لفظة أحد بدل واحد ففيه وجهان:

أحدهما: أن الأحد لا يدخل العدد، والواحد يدخل في العدد، لأنك تجعل للواحد ثانياً، ولا تجعل للأحد ثانياً.

الثاني: أن الأحد يستوعب جنسه، والواحد لا يستوعب، لأنك لو قلت فلان لا يقاومه أحد، لم يجز أن يقاومه اثنان ولا أكثر، فصار الأحد أبلغ من الواحد.

وكذلك إن صيغة الصفة المشبهة تفيد تمكن الوصف في موصوفها بأنه ذاتيٌّ له، فلذلك أوثر {أحد} هنا على (واحد) لأن (واحد) اسم فاعل لا يفيد التمكن. (قول إبن عاشور). ثم إن الأحدية تقتضي الوجود لا محالة.

ومن الملاحظ أن لفظة أحد جاءت نكرة وذلك لوجهين: الاول: حذف لام التعريف على نية إضمارها والتقدير قل: هو الله الأحد ,الثاني: أن المراد هو التنكير على سبيل التعظيم, واقول _كما ارى_ يمكن ان تكون على وجه الخصوصية وذلك ان "أحد" لا تطلق إلا على الله عز وجل ,فلا يصح أن نقول (رجل أحد) , او (قلم أحد).والله اعلم.

وهناك تفسير لطيف للامام الرازي زفيه نفحة صوفية حيث قال:" اعلم أن قوله: {هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ} ألفاظ ثلاثة وكل واحد منها إشارة إلى مقام من مقامات الطالبين فالمقام الأول: مقام المقربين وهو أعلى مقامات السائرين إلى الله وهؤلاء هم الذين نظروا إلى ماهيات الأشياء وحقائقها من حيث هي هي، فلا جرم ما رأوا موجوداً سوى الله لأن الحق هو الذي لذاته يجب وجوده، وأما ما عداه فممكن لذاته والممكن لذاته إذا نظر إليه من حيث هو هو كان معدوماً، فهؤلاء لم يروا موجوداً سوى الحق سبحانه، وقوله: {هُوَ} إشارة مطلقة والإشارة وإن كانت مطلقة إلا أن المشار إليه لما كان معيناً انصرف ذلك المطلق إلى ذلك المعين، فلا جرم كان قولنا: هو إشارة من هؤلاء المقربين إلى الحق سبحانه فلم يفتقروا في تلك الإشارة إلى مميز، لأن الافتقار إلى المميز إنما يحصل حين حصل هناك موجودان، وقد بينا أن هؤلاء ما شاهدوا بعيون عقولهم إلا الواحد فقط، فلهذا السبب كانت لفظة: {هُوَ} كافية في حصول العرفان التام لهؤلاء، المقام الثاني: وهو مقام أصحاب اليمين وهو دون المقام الأول، وذلك لأن هؤلاء شاهدوا الحق موجوداً وشاهدوا الخلق أيضاً موجوداً، فحصلت كثرة في الموجودات فلا جرم لم يكن هو كافياً في الإشارة إلى الحق، بل لا بد هناك من مميز به يتميز الحق عن الخلق: فهؤلاء احتاجوا إلى أن يقرنوا لفظة هو، فقيل: لأجلهم هو الله، لأن الله هو الموجود الذي يفتقر إليه ما عداه، ويستغني هو عن كل ما عداه والمقام الثالث: وهو مقام أصحاب الشمال وهو أخس المقامات وأدونها، وهم الذين يجوزون أن يكون واجب الوجود أكثر من واحد وأن يكون الإله أكثر من واحد فقرن لفظ الأحد بما تقدم رداً على هؤلاء وإبطال لمقالاتهم فقيل: "قُلْ هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير