فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 03 - 2006, 06:44 ص]ـ
قال تعالى
(فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ) 11 - 16 البلد
ماذا نفهم من هذه الآيات؟؟
هل " لا" في الآية حرف نفي؟؟
وإن كانت كذلك فلماذا لم تتكرر كما في قوله تعالى ({فلاَ صَدَّق ولا صلَّى}
أم هل هي حرف تحضيض بمعنى ألا يقتحم العقبة؟؟
أم هل هي بمعنى الدعاء عليه كقولك "لا وفقك الله"؟؟
قال ابن عطية في المحرر الوجيز
(واختلف الناس في قوله {فلا} فقال جمهور المتأولين: هو تحضيض بمعنى " فألا "، وقال آخرون وهو دعاء بمعنى أنه ممن يستحق أن يدعى عليه بأن لا يفعل خيراً، وقيل هي نفي، أي " فما اقتحم "، وقال أبو عبيدة والزجاج وهذا نحو قوله تعالى:
{فلا صدق ولا صلى}
[القيامة: 31] فهو نفي محض كأنه قال: وهبنا له الجوارح ودللناه على السبيل فما فعل خيراً،)
بالإنتظار
ـ[معالي]ــــــــ[15 - 03 - 2006, 09:19 ص]ـ
السلام عليكم
شكر الله لك أستاذنا جمال
الأمر كما أورد ابن عطية من الخلاف حول (لا) الواردة في الآية المذكورة ..
غير أني أردتُ فقط أن أنقل علة عدم التكرار عند مَنْ قالوا إن (لا) للنفي هنا:
فقد أُفردت (لا) لدلالة آخر الكلام على معنى التكرار الذي كان ينبغي أن يكون في مثل هذا الموضع، فقوله جل وعز: (ثم كان من الذين آمنوا ... الآية) "البلد 17" يقوم مقام التكرار، والتقدير: (فلا اقتحم العقبة ولا آمن) ..
والله تعالى أعلم
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[15 - 03 - 2006, 12:38 م]ـ
الأستاذ جمال الشرباتي، هاك جوابي:
الرأي هنا والله أعلم، هو أن المراد بـ {فَلاَ ?قتَحَمَ ?لْعَقَبَةَ} هو التحضيض، بصيغة الاستفهام الإنكاري، وتقديره:: أفلا اقتحم العقبة، أو هلا اقتحم العقبة. أي: أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير، ثم بينها فقال تعالى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ?لْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ}.
وهنا يستبعد معنى الدعاء. والسؤال، فلماذا لم تكرر الـ (لا) وقلما توجد لا الداخلة على المضي إلا مكررة، تقول: لا جنبني ولا بعدني قال تعالى:
{فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى?}
[القيامة: 31] وفي هذه الآية ما جاء التكرير فما السبب فيه؟: قال الزجاج: إنها متكررة في المعنى لأن معنى {فَلاَ ?قتَحَمَ ?لْعَقَبَةَ} فلا فك رقبة ولا أطعم مسكيناً، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك، وقوله:
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ}
وهنا أرجح كما قلت سابقا أنها للتحضيض بصيغة الاستفهام الاستنكاري.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[16 - 03 - 2006, 01:19 ص]ـ
هذا تفسير الآيات أخى جمال
فهلا تجاوز مشقة الآخرة بإنفاق ماله, فيأمن. وأيُّ شيء أعلمك: ما مشقة الآخرة, وما يعين على تجاوزها؟ إنه عتق رقبة مؤمنة من أسر الرِّق. أو إطعام في يوم ذي مجاعة شديدة, يتيمًا من ذوي القرابة يجتمع فيه فضل الصدقة وصلة الرحم, أو فقيرًا معدمًا لا شيء عنده
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 03 - 2006, 04:16 ص]ـ
وإليكم رأي الدكتور فاضل السامرائي في الموضوع:
فبعد أن بيّن أبرز ما قيل في (لا) عند النحاة والمفسّرين، قال - حفظه الله: والذي يبدو لي والله أعلم أن هذا التعبير جمع معاني عدّة في آن واحد.
فهو يحتمل المضيّ، أي أن هذا الإنسان الذي يذكر عن نفسه أنه أهلك مالاً كثيراً ويحسب أن لن يقدر عليه أحد، وأنه لم يطّلع أحد عليه فيما يفعل - سواء كان هذا واحداً معيناً أم كان صنفاً هذا وصفه - لم يقتحم العقبة، فهو لم يؤمن ولم يطعم المحتاجين من اليتامى والمساكين ولم يتواص بعمل الخير.
ويحتمل أن هذا الإنسان فرداً كان أم صنفاً لا يقتحم العقبة في المستقبل، لأن من كان هذا وصفه لا يقتحم العقبة، إلا إذا آمن وغيّر من حاله. فهو لم يقتحم العقبة في الماضي ولا يقتحمها في المستقبل، بل هو باقٍ على حاله على وجه الدوام.
ويحتمل أن هذا التعبير دعاء على هذا الصنف أو الشخص بألا يقتحم العقبة كما في قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1] وقوله: {قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30]. فإن من كان هذه صفته لا يستحقّ الدعاء له بالخير.
كما يحتمل الاستفهام المراد به التنديم والتوبيخ على ما فرّط والحضّ على الإنفاق بمعنى (أفلا اقتحم العقبة) وقد حذفت منه الهمزة. ونحو هذا وارد في القرآن الكريم والفصيح من كلام العرب، فقد جاء فيه قوله تعالى: {وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الأعراف: 113 - 114]. بدلالة قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الشعراء: 41 - 42].
ونحو قول الشاعر:
قالوا: تحبّها؟ قلت: بهراً.
أي: أتحبّها؟
وقول الكميت:
طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب ----- ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب
أي: أوَذو الشيب يلعب؟
وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فقد جمع هذا التعبير عدّة معانٍ في آن واحد: المضي والاستقبال والتوبيخ والحضّ والدعاء. فهو أخبر أنه لم يقتحم العقبة فيما مضى من عمره، وأنه لا يقتحمها في المستقبل، وأنه وبّخه على ذلك، ودعا عليه بعدم اقتحامها.
فانظر كيف جمع هذا التعبير هذه المعاني، وكلها مرادة مطلوبة وأنه لو جاء بأي حرف آخر غير (لا) لم يُفِدْ هذه المعاني الكثيرة المتعدّدة. فهو لو قال: (ما اقتحم العقبة) أو (لم يقتحم العقبة) لم يُفِدْ إلا الإخبار عنه في الماضي. فانظر كيف وسّعت (لا) المعنى، وجمعت معاني عدّة في تعبير واحد؟
¥