[فائدة بلاغية من شرح شذور الذهب]
ـ[مهاجر]ــــــــ[02 - 05 - 2006, 12:04 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
من المعلوم أن من مواضع تأنيث الفعل تأنيثا راجحا مع جواز التذكير جوازا مرجوحا:
أن يكون الفاعل ظاهرا متصلا مجازي التأنيث، كقولك: طلعت الشمس، وطلع الشمس فـ "الشمس": مؤنث مجازي.
وقد ورد العدول عن الراجح إلى المرجوح في عدة مواضع في القرآن الكريم، لنكت بلاغية، فمن ذلك:
قوله تعالى: (وما كان صلاتهم عند البيت)، فالراجح في غير القرآن: وما كانت صلاتهم، لأن الصلاة مؤنث مجازي، وسبب العدول عن الراجح إلى المرجوح هنا أن صلاتهم في حقيقتها: مكاء وتصدية، والمكاء والتصدية من اللهو، فكأن صلاتهم في حقيقتها لهو و "اللهو" لفظ مذكر، فيكون تقدير الكلام: وما كان لهوهم الذي يزعمون أنه صلاة عند البيت إلا مكاء وتصدية.
وقوله تعالى: (فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم)، فالراجح في غير القرآن: فانظر كيف كانت عاقبة مكرهم، وسبب العدول هنا: أن عاقبة المكر هنا هي التدمير، والتدمير لفظ مذكر، فتقدير الكلام: فانظر كيف كان تدميرهم.
وقوله تعالى: (وجمع الشمس والقمر)، فالراجح في غير القرآن: وجمعت الشمس مع القمر، وسبب العدول هنا: هو تغليب القمر المذكر على الشمس المؤنثة، كما يغلب عليها عند الجمع بينهما فتقول: القمران.
وفي قوله تعالى: (قالت الأعراب): أنث الفعل على معنى الجماعة، فتقدير الكلام: وقالت جماعة الأعراب. وأما في قوله تعالى: (وقال نسوة): ذكر الفعل على معنى الجمع، فتقدير الكلام: وقال جمع من النساء.
ومعنى الجماعة في الآية الأولى أرجح، لأن الجماعة تدل على نوع اتحاد على رأي أو منهج، كأي جماعة دينية أو سياسية فإنها تجتمع على عقيدة أو رأي واحد، ولذا أنث الفعل تبعا لهذا المعنى.
وأما في الآية الثانية: فمعنى الجمع هو الراجح، لأن الجمع يدل على مجرد الاجتماع ولو كان بلا هدف، كما هو حال غالب اجتماعات النساء التي يغلب عليها فضول الكلام، إلا من عصم الله، فكذا كان اجتماع النسوة في بيت العزيز فهن نساء مترفات لا هم لهن سوى قيل وقال، ولذا ذكر الفعل تبعا لهذا المعنى، والله أعلم.
بتصرف من شرح الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الجليل، حفظه الله، لمتن شذور الذهب.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[02 - 05 - 2006, 12:34 م]ـ
سلمت على هذا النقل الطيّب
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[03 - 05 - 2006, 12:57 ص]ـ
نقل موفق ..
بارك الله فيك، ونفعنا بعلمك ..