تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هاتوا مفتريات!]

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 04 - 2006, 12:10 ص]ـ

قال الجاحظ رحمه الله: " بعث الله محمداً:= أكثر ما كانت العرب شاعراً وخطيباً، وأحكمَ ما كانت لغة، وأشدّ ما كانت عُدّة، فدعا أقصاها وأدناها إلى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحُجّة، فلما قطع العذر وأزال الشبهة، وصار الذي يمنعهم من الإقرار الهوى والحميّة دون الجهل والحيرة، حملهم على حظهم بالسيف، فنصب لهم الحرب ونصبوا، وقتل من عِليتهم وأعلامهم وأعمامهم وبني أعمامهم، وهو في ذلك يحتجّ بالقرآن، ويدعوهم صباحاً ومساء إلى أن يعارضوه - إن كان كاذباً - بسورة واحدة أو بآيات يسيرة.

فكلما ازداد تحدّياً لهم بها، وتقريعاً لعجزهم عنها، تكشف عن نقصهم ما كان مستوراً وظهر منه ما كان خفيّاً. فحين لم يجدوا حيلة ولا حُجّة قالوا له: أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف، فلذلك يمكنك ما لا يمكننا.

قال: هاتوا مفتريات!!!

فلم يرُم ذلك خطيب، ولا طمع فيه شاعر .. ولو تكلفه (أي لو استطاعه) لظهر ذلك، ولو ظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكابر فيه، ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض " أ. هـ.

يشير الجاحظ في كلامه إلى قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [هود: 13].

وفحوى هذا الفهم والتفسير أن القرآن الكريم أعفى العالمين الذين تحدّاهم من الالتزام - فيما يعارضون به القرآن - بأيّ مضمون، فضلاً عن عدم إلزامهم بشيء من العلوم والمعارف.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل إعفاء العالمين الذين تحدّاهم القرآن من الالتزام بأيّ مضمون يعفينا نحن من الحديث عن العلاقة بين مضامين القرآن وأسلوبه وبيانه نفسه؟

وإذا كان مثل هذا البحث والالتماس ضرورياً حتى نستكمل صورة الإعجاز البياني نفسه، فهل يحملنا ذلك أو يصل بنا إلى التسليم بما أسماه كثير من الباحثين: الإعجاز الموضوعي؟

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[19 - 04 - 2006, 09:02 ص]ـ

ما شاء الله أستاذ لؤي.

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 04 - 2006, 06:19 م]ـ

هذا الجزء من قول الجاحظ يحتاج إلى بيان---

قال (وهو في ذلك يحتجّ بالقرآن، ويدعوهم صباحاً ومساء إلى أن يعارضوه - إن كان كاذباً - بسورة واحدة أو بآيات يسيرة.)

وخصوصا أنّ أحد المنتدين في منتدى قال (فلو تمكن المسلمون من إثبات إعجاز آية واحدة لم يحتاجوا بعدئذ إلى تتبع الشبهات.)

وقد رأيت في كلامه مغالطة علمية واضحة---فما الإعجاز في آية "الحاقة" مثلا؟؟

على هذا فكلامه ينطوي على تهمة واضحة لعلماء البلاغة الذين لم يقولوا بالفعل بإعجاز مثل هذه الآية بالقصر

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[19 - 04 - 2006, 06:30 م]ـ

الأخ جمال - حفظه الله ..

تحدّث الجاحظ هنا - وبعد سطور قليلة - عن السورة الواحدة، وعن الآيات اليسيرة، إشارة فيما يبدو إلى أنه لا يرى التحدّي بآية واحدة، وهو الأمر الذي انطلق منه أو عوّل عليه بعضهم في القول بالصرفة كابن حزم وآخرين.

وإلا فإن العلماء قد أجمعوا على أن القرآن قد تحدّى الثقلين على أن يأتوا بسورة واحدة مثله أو من مثله ..

ـ[أبو جمال]ــــــــ[29 - 04 - 2006, 10:03 ص]ـ

:::

الرجاء العودة إلى موضوع البحث

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل إعفاء العالمين الذين تحدّاهم القرآن من الالتزام بأيّ مضمون يعفينا نحن من الحديث عن العلاقة بين مضامين القرآن وأسلوبه وبيانه نفسه؟

وإذا كان مثل هذا البحث والالتماس ضرورياً حتى نستكمل صورة الإعجاز البياني نفسه، فهل يحملنا ذلك أو يصل بنا إلى التسليم بما أسماه كثير من الباحثين: الإعجاز الموضوعي؟

وبارك الله فيكم

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[01 - 05 - 2006, 01:15 م]ـ

الأخ الفاضل أبا جمال ..

اعذرني .. ولكني في ضيق للوقت شديد ..

وسأتفرّغ لمسألتك قريباً إن شاء الله ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[20 - 05 - 2006, 12:48 م]ـ

السلام عليكم

قد أشرنا في أكثر من موضع ومشاركة أنّ الإعجاز الذي وقع به التحدّي إنّما كان بالنظم والبيان. ومدار الحديث هنا عن خصائص الموضوعات التي تناولها القرآن العظيم، وذلك للوقوف على ضروب أخرى من الالتزام التي أُعفي منها الذين تحدّاهم القرآن حين قيل لهم: فهاتوا مفتريات!

وممّا تقرّر لدى المحققين أنّ معاني القرآن انفردت بأمرين:

الأول: رحابتها واتساعها على نحو غير معهود.

والثاني: أنها ليست من جنس موضوعات الأدب من الأصل.

فإنّ العقيدة والاجتماع والاقتصاد والمعاملات ونظام العقوبات والوصايا والميراث والتاريخ والأخلاق وخلق الإنسان والأكوان .. وغيرها من مواضيع القرآن، جميعها ليست من أبواب الأدب والبيان، ولم تجرِ العادة بأنْ تؤدَّى في قالب أدبيّ أو بلاغيّ.

وإنّ آية الآيات أنْ يعرض القرآن هذه الأبواب وسواها في قالب أدبيّ أو بيانيّ، ثمّ أنْ يبلغ بهذا البيان حدّ الإعجاز!

وحين قيل للعرب: هاتوا مفتريات! فإنّ القرآن العظيم ترك لهم الباب مفتوحاً ليختاروا باباً من أبواب الأدب المعهود، أو الذي يستطيعه الأديب أو الناقد ويقدر عليه. فما كان عليهم إلا أنْ يتخيّروا لهم من معاني الوصف أو المدح أو الفخر أو الهجاء، أو موضوعاً يدور حول الطبيعة أو المرأة أو سائر موضوعات الأدب.

والسؤال الآن: إذا كان التحدّي بالمفتريات، أي بغير معاني القرآن، يُعدّ إعفاءً من الالتزام بهاتين السمتين التي اتسمت بهما هذه المعاني والمضامين، فكيف يتجلّى أثر هذه المضامين على الأسلوب أو فنّ العرض القرآني؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير