تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الموجز في تاريخ البلاغة "التمهيد"]

ـ[معاوية]ــــــــ[14 - 09 - 2006, 07:35 ص]ـ

قال مازن المبارك:

:::

والصلاة على أبلغ من نطق بالضاد. القائل إن من البيان لسحرا.

وبعد، فهذه صفحات موجزة في تاريخ البلاغة العربية، لم نعمد فيها إلى الشرح والتفصيل، لأنا لم نبغ من ورائها أن نؤرخ لعلوم البلاغة تأريخًا دقيقًا، وإنما كان غرضنا منها أن نضع بين أيدي الطلاب فكرة عامة عن المراحل الأساسية، والخطوات البارزة، التي خطتها البلاغة العربية، منذ كانت كلمة رائعة على لسان ابن الصحراء، أو حكمًا على الكلمة البليغة أطلقه سامع متذوّق، إلى أن صارت علمًا حلّ بساحته الجفاف بعد الخصب، وصوّحت خمائله بعد نضرة، وأصبح ذا ثلاث شعب، لا تغني في إدراك الجمال، ولا تشفع في معرفة الأدب.

ـ[معاوية]ــــــــ[14 - 09 - 2006, 10:59 م]ـ

وقد خلَّلنا هذا العرض الموجز بعض آرائنا في أسباب تأخر البلاغة وترديها، والانحراف الذي أصاب مفهومها، وفيما ينبغي أن تكون عليه وتؤول إليه، آملين أن يتسع العمر لكتاب آخر في البلاغة نطبق فيه هذه الآراء، ونفيد من تجارب الماضين، لتظهر البلاغة - كما نريد لها - حيّة من خلال النصوص، ولتدخل عنصرًا من عناصر النقد وتقويم الأدب.

وقد جعلنا هذا الكتاب في تمهيد وستة فصول وخاتمة.

أما التمهيد فقد عرضنا فيه للبلاغة في العصر الحاضر، وحلَّلنا نظرة الجيل الجديد إلى هذا العلم، وبيّنا سبب تلك النظرة.

وأما الفصول فقد أوردناها على النحو الآتي:

الفصل الأول: البلاغة عند العرب.

الفصل الثاني: ظواهر بلاغية في العصر الجاهلي.

الفصل الثالث: البلاغة في ظلال القرآن.

الفصل الرابع: البلاغة في كتب الأدب.

الفصل الخامس: البلاغة في كتب النقد.

الفصل السادس: نحو الانحراف والجمود.

وأما الخاتمة فقد أوجزنا فيها ما ينبغي أن تكون عليه نظرتنا إلى البلاغة، وما يجب أن تستعين به من علم وذوق، وأن تتصف به من سعة وشمول، وأن تفيد منه من أبحاث علم النفس وعلم الجمال، وأن تتسع له من فنون أدبية حديثة.

ـ[معاوية]ــــــــ[15 - 09 - 2006, 08:48 م]ـ

تمهيد

لم يكن ضيقي حين كلفتني كلية الآداب تدريس مادة البلاغة بأقل من سروري بذلك التكليف؛ فلقد سررت لأن هذا التكليف جاء منسجمًا مع ما في نفسي من تقدير للبلاغة العربية، وأما ضيقي فللفكرة التي رسبت في أذهان طلابنا وناشئتنا عن البلاغة العربية.

ولست أكتم أنني لاقيت الكثير من العنت حتى استطعت - إلى حد ما - أن أقتلع من أذهان الطلاب ما استقرّ فيها من أن البلاغة مادة " متحفيَّة " وأن دراستها اليوم والرجوع إليها، لا يعني أكثر من جولة بين الآثار القديمة، أو وقفة بين الأطلال.

ونحن نعتقد أن إغماض العين دون هذه الحقيقة لا يخدم البلاغة، ولا يحلّ المشكلة، إنها الفكرة التي استقرّت في أذهان الكثيرين، إن لم نقل إنها تكاد تمثل رأي جيل جديد في هذه المادة من علوم العربية.

ـ[معاوية]ــــــــ[16 - 09 - 2006, 09:42 ص]ـ

ونحن لا نلوم طلابنا، ولا الناشئة من المتأدبين عندنا، على نظرتهم إلى البلاغة، تلك النظرة الصفراء المشمئزة .. إذ ألم نلقّنهم - في آخر سنة من سنوات دراستهم الثانوية - عيوب الأدب في عصور الدول المتتابعة وسميّنا لهم ذلك الأدب" أدب الانحطاط " وجعلنا أكبر عيوبه تعلّق أدبائه بالصنعة البديعية والبيانية؟؟ وهل فهم الطلاب - حتى تلك السنة، إذا كانوا قد فهموا شيئًا من البلاغة - سوى أن البلاغة تشبيه أو استعارة وسجع وجناس وتورية وطباق ومقابلة ...

ـ[معاوية]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 02:17 م]ـ

لقد فتحنا أنظار طلابنا على البلاغة يوم تحجّرت، ولم ندلّهم عليها يوم كانت ذوبَ الذوق العربي الأصيل، وثوب الجمال الفني الرائع البديع ... ثم جئنا اليوم - في كلية الآداب - نطلب إليهم دراستها والعناية بها، وما هي في نظرهم إلا جثة منحطة ..

لقد عرفوا البلاغة في جزئيات تافهة منها، وحتى هذا القليل التافه لم يعرفوه إلا من خلال حدود أو تعريفات مدرسية، وقوالب جامدة، وصنعة متكلفة متصيَّدة. فأين منها العلم؟ وأين منها الذوق؟ وأين منها الجمال؟ بل أين منها حقيقة البلاغة؟؟.

ـ[معاوية]ــــــــ[20 - 09 - 2006, 02:19 ص]ـ

وهل عرف العربي البلاغة ـ يوم عرفها ـ حدودًا وتعريفات؟ إنه عرفها يوم بدت جلية لناظريه، فجذبت سمعه، وخلبت لبه، وتمثلت أمامه حيَّة على لسان البلغاء من العرب قبل الاسلام ... ثم عرفها ندية معجزة في الكتاب العربي المبين، كما عرفها بعد ذلك رائعة في تراث الأعلام من خطبائه وكتَّابه وشعرائه حتى أواخر القرن الرابع ...

ـ[معاوية]ــــــــ[20 - 09 - 2006, 01:26 م]ـ

على أن تلك البلاغة التي عرفها العربي بطبعه كما عرفها بعقله لم تصل إلينا على ما عرفها عليه ... إنها وصلت إلينا بعد أن مرَّت ـ عبر تاريخ طويل ـ بعصور طبعتها بالكثير من سماتها، وشابتها بالكثير من آثارها وخصائصها، فإذا هي على ما نراها عليه اليوم من تأثر بالمنطق، وإيغال في الفلسفة، وبعد عن الطبع، واتسام بذوق عصور الدول المتتابعة ... ونحن أنفسنا لم نصل إليها إلا بعد أن تأثرنا إلى حدّ بعيد بالأدب الغربي وفنون القول فيه .. وتأثرنا بمذاهبه النقدية، ونظرتها إلى الأمور البلاغية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير