تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أيزيد الإيمان وينقص؟]

ـ[سليم]ــــــــ[25 - 07 - 2006, 07:39 م]ـ

السلام عليكم

يقول الله تعالى في كتابه العزيز:" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) ...

نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى علق الزيادة بالإيمان وقد تباينت أراء العلماء في شأن هذه الآية:

قال الزمخشري:" فإن قلت: كيف زادهم نعيم أو مقوله إيماناً؟ قلت: لما لم يسمعوا قوله وأخلصوا عنده النية والعزم على الجهاد وأظهروا حمية الإسلام، كان ذلك أثبت ليقينهم وأقوى لاعتقادهم، كما يزداد الإيقان بتناصر الحجج؛ ولأن خروجهم على أثر تثبيطه إلى وجهة العدو طاعة عظيمة، والطاعات من جملة الإيمان؛ لأنّ الإيمان اعتقاد وإقرار وعمل. وعن ابن عمر:

(228) قلنا يا رسول الله إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال: «نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة. وينقص حتى يدخل صاحبه النار» وعن عمر رضي الله عنه: أنه كان يأخذ بيد الرجل فيقول: قم بنا نزدد إيماناً

وقال القرطبي:"قوله تعالى: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} أي فزادهم قولُ الناس إيماناً، أي تصديقاً ويقيناً في دينهم، وإقامةً على نُصرتهم، وقوّةً وجراءة واستعداداً. فزيادة الإيمان على هذا هي في الأعمال. وقد اختلف العلماء في زيادة الإيمان ونقصانه على أقوال. والعقيدة في هذا على أن نفس الإيمان الذي هو تاجٌ واحدٌ، وتصديق واحد بشيء مّا، إنما هو معنًى فَرْدٌ، لا يدخل معه زيادة إذا حصل، ولا يبقى منه شيء إذا زال؛ فلم يبق إلا أن تكون الزيادة والنقصان في متعلَّقاته دون ذاته. فذهب جمع من العلماء إلى أنه يزيد وينقص من حيث الأعمال الصادرة عنه، لا سيما أن كثير من العلماء يوقعون ?سم الإيمان على الطاعات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وسبعون باباً فأعلاها قول لا إل?ه إلا اللَّهُ وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " أخرجه الترمذيّ، وزاد مسلم " والحياء شُعْبَةٌ من الإيمان " وفي حديث عليّ رضي الله عنه: " إن الإيمان ليبدو لُمَظَةً بيضاء في القلب، كلما ?زداد الإيمان ?زدادت اللُّمَظَة " وقوله «لمظة» قال الأصمعيّ: اللمظة مثل النُّكْتة ونحوها من البياض؛ ومنه قيل: فرس ألْمَظ، إذا كان بجَحْفَلته شيء من بياض. والمحدّثون يقولون «لمظة» بالفتح. وأما كلام العرب فبالضم؛ مثل شُبهة ودهمة وخُمرة. وفيه حُجّةٌ على من أنكر أن يكون الإيمان يزيد وينقص. ألا تراه يقول؛ كلما ?زداد النفاق ?سودّ القلب حتى يسودّ القلب كلّه. ومنهم من قال: إن الإيمان عَرَض، وهو لا يَثْبُتُ زمانين؛ فهو للنبيّ صلى الله عليه وسلم وللصُّلحاء متعاقب، فيزيد باعتبار توالي أمثاله على قلب المؤمن، وباعتبار دوام حضوره.

وقال الرازي:"الذين يقولون إن الايمان عبارة لا عن التصديق بل عن الطاعات، وإنه يقبل الزيادة والنقصان، احتجوا بهذه الآية، فانه تعالى نص على وقوع الزيادة، والذين لا يقولون بهذا القول قالوا: الزيادة إنما وقعت في مراتب الايمان وفي شعائره، فصح القول بوقوع الزيادة في الايمان مجازا.

واما إبن عاشور فقد قال:"فالظاهر أنّ الإيمان أطلق هنا على العمل، أي العزم على النصر والجهاد، وهو بهذا المعنى يزيد وينقص. ومسألة زيادة الإيمان ونقصه مسألة قديمة، والخلاف فيها مبنيّ على أنّ الأعمال يطلق عليها اسم الإيمان، كما قال تعالى: {"وما كان اللَّه ليضيع إيمانكم " [البقرة: 143] يعني صَلاتكم. أمّا التَّصديق القلبي وهو عقد القلب على إثبات وجود الله وصفاته وبعثة الرسل وصدق الرسول، فلا يقبل النقص، ولا يقبل الزيادة، ولذلك لا خلاف بين المسلمين في هذا المعنى، وإنّما هو خلاف مبني على اللفظ، غير أنّه قد تقرّر في علم الأخلاق أنّ الاعتقاد الجازم إذا تكررت أدلّته، أو طال زمانه، أو قارنته التجارب، يزداد جلاء وانكشافاً، وهو المعبّر عنه بالمَلَكة، فلعلّ هذا المعنى ممّا يراد بالزيادة".اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير