[سلام الله عليكم]
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 07 - 2006, 10:28 م]ـ
أرحّب بكم من جديد في منتدى البلاغة، وأحييّكم بتحيّة الإسلام الخالدة، فأقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
واسمحوا لي - أيّها الأحبّة - بأن أفتتح المنتدى بسرّ بلاغي من أسرار لغة العرب حول الفرق بين قولنا: "سلام الله عليك" وقولنا: "عليك سلام الله". فقد فرّق العرب في كلامهم بين القولين .. فالأول عندهم تحيّة الإنسان الحيّ أو الإنسان الكريم ذي الخلق القويم، والثاني تحيّة الإنسان الميّت أو الإنسان الشرّير ذي التصرّفات الفاسدة.
جاء في لسان العرب: وفي حديث التسليم قل: (السلام عليكم) فإنّ (عليك السلام) تحيّة الموتى، قال: هذه إشارة إلى ما جرت به عاداتهم في المراثي، كانوا يقدّمون ضمير الميّت عند الدعاء له، كقول الشاعر في رثاء أحد الأمراء:
عليك سلام الله من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق
وقال آخر في رثاء قيس بن عامر:
عليك سلام الله قيسَ بنَ عاصمٍ ... ورحمته ما شاء أن يترحّما
وقد صدق القرآن العظيم عادة العرب في كلامهم، ومن شواهده على هذه المسألة قوله علت كلمته عن أهل الخير والإيمان مقدّماً كلمات السلام والفضل والخير على الجارّ والمجرور: (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ) [الأنعام: 54]، وقوله تعالى: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ) [هود: 48]، وقوله عزّ من قائل: (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: 24]، وقوله سبحانه: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم: 33] ...
أما عند الحديث عن الأموات، وأهل الشرك والكفر والفُسّاق، فقد تقدّم فيه الجارّ والمجرور على الكلمات الأخرى، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [البقرة: 161]، وقوله جلّ وعزّ: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [الرعد: 25]، وقوله تبارك وتعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) [الحجر: 35]، وقوله تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) [الفتح: 6] ...
وإنّ هذا الحكم يكاد يكون في جميع الآيات القرآنية التي تحدّثت عن هذين الفريقين، وهذا من أسرار القرآن العظيم، الذي ما زال يفيض بأعلى صور البيان، ولا زال ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[نور صبري]ــــــــ[08 - 07 - 2006, 12:07 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
بارك الله فيك أستاذ لؤي على هذه المعلومة البلاغية القرآنية، وهذه افتتاحت خير للمنتدى إن شاء الله.
مع التقدير ...
ـ[أبو طارق]ــــــــ[08 - 07 - 2006, 12:09 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أستاذ لؤي , ولا حرمنا الله علمك.
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[08 - 07 - 2006, 08:06 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[08 - 07 - 2006, 03:51 م]ـ
هذه المسألة البلاغية في التقديم والتأخير وإن كانت من عادة العرب في تقديم اسم أو ذكر المدعو عليه بالشر، فهي ليست مطردة استعمالا، فاللفظ المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحية الموتى، في حديثي عائشة وأبي هريرة: السلام عليكم دار قوم مؤمنين ........ ، ولو كانت القضية مطردة لكان اللفظ: عليكم السلام دار ....... ،
وقد صح حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جابر بن سليم قال: عليك السلام يا رسول الله، فقال رسول الله: لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت ولكن قل السلام عليك.
ويرى القرطبي أن الحديث الأول قد يكون عاما في السلام على أهل القبور جميعا، والحديث الثاني خاصا في السلام المقصود على واحد منهم.
وذكر الألوسي أن بعض الجماعة يقولون:: السلام معرفة تحية الأحياء ونكرة تحية الموتى، ورووا في ذلك خبراً، والشيعة ينكرون مطلقاً وينكرون.
ولا أدري من يقصد ببعض الجماعة.
والله أعلم