[زينةالأرض في القرآن الكريم]
ـ[أحلام]ــــــــ[24 - 04 - 2006, 03:26 م]ـ
زينة الأرض
قوله تعالى:
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (60).
معنى الآية-كما يقول العلامة القرطبي (61) -: التشبيه والتمثيل، أي صفة الحياة الدنيا في فنائها وزوالها وقلة خطرها والملاذ بها كماء؛ أي مثل ماء، «أي فاختلط الماء بالأرض، فأخرجت ألواناً من النبات، اختلط النبات بالمطر، أي شرب منه فتندّى وحَسُن واخضرّ. والاختلاط تداخل الشيء بعضه في بعض.
وقوله تعالى: {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ} أي: من الحبوب والثمار والبقول. {وَالأَنْعَامُ} من الكلأ والتبن والشعير. {حَتَّى إِذَآ أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا} أي حسنها وزينتها. والزخرف كمال حسن الشيء؛ ومنه قيل للذهب: زخرف. {وَازَّيَّنَتْ} أي بالحبوب والثمار والأزهار؛ والأصل تزينت أدغمت التاء في الزاي وجيء بألف الوصل؛ لأن الحرف المد غم مقام حرفين الأوّل منهما ساكن والساكن لا يمكن الابتداء به. وقرأ ابن مسعود وأُبيّ بن كعب ««وتزينت» على الأصل.
وقوله تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُهَآ} أي أيقن. {أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ} أي على حصادها والانتفاع بها؛ {أَتَاهَآ أَمْرُنَا} أي عذابنا، أو أمرنا بهلاكها. {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً} أي محصودة مقطوعة لا شيء فيها. وقال «حَصيداً» ولم يؤنّث لأنه فعيل بمعنى مفعول. قال أبو عبيد: الحصيد المستأصَل. {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} أي لم تكن عامرة؛ من غَنِي إذا أقام فيهِ وعمرَه. والمغاني في اللغة: المنازل التي يعمرها الناس.
يعني: فكما يهلك هذا الزرع هكذا كذلك الدنيا. {نُفَصِّلُ الآيَاتِ} أي نبيّنُها. {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} في آيات الله.
والمعني الإجمالي للآية الكريمة: أن الله-سبحانه وتعالي- شَبَّهَ الحياة الدنيا في أنها تتزيَّنُ في عين الناظر فَتَرُوقه بزينتها وتعجبه فيميل إليها ويَهْوَاها اغتراراً منه بها، حتى إذا ظَنَّ أنه مالك لها قادر عليها سُلِبَهَا بغتةً أحوجَ ما كان إليها، وحِيلَ بينه وبينها، فشبهها بالأرض التي ينزل الغيثُ عليها فتُعْشِبُ ويَحْسُنُ نباتُها ويَرُوق منظرها للناظر، فيغتر به، ويظن أنه قادر عليها، مالك لها، فيأتيها أمر الله فتدرك نباتها الآفة بغتةً، فتصبح كأن لم تكن قبل، فيَخِيبُ ظنه، وتصبح يداه صِفْراً منها: فكذا حال الدنيا والواثق بها سواء؛ وهذا من أبلغ التشبيه والقياس، ولما كانت الدنيا عُرْضَةً لهذه الآفات، والجنة سليمة منها قال: {والله يدعو إلى دار السلام} فسماها هنا دار السلام لسلامتها من هذه الآفات التي ذكرها في الدنيا، فعمَّ بالدعوة إليها، وخص بالهداية مَنْ يشاء، فذاك عَدْله وهذا فَضْله.
قال الله تعالي:
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلا} (62).
أخبر الله- تعالى-في هذه الآية الكريمة أنه جعل الدنيا داراً فانية مزينة بزينة زائلة، للابتلاء والاختبار, كما أخبر أنه خلق الموت والحياة لذلك, وخلق السماوات والأرض لهذا الابتلاء أيضاً.
والزينة كل ما على وجه الأرض؛ فهو عموم لأنه دال على بارئه. وقال ابن جبير عن ابن عباس: أراد بالزينة الرجال؛ قال مجاهد. وروى عكرمة عن ابن عباس أن الزينة الخلفاء والأمراء. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: «إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها» قال: العلماء زينة الأرض. وقالت فرقة: أراد النّعم والملابس والثمار والخضرة والمياه، ونحو هذا مما فيه زينة؛ ولم يدخل فيه الجبال الصم وكل ما لا زينة فيه كالحيات والعقارب.
¥