تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله

تعالى (مدهامتان) أي سوداوان من شدة الخضرة من الري والعرب تقول لكل أخضر أسود وقال لبيد يرثي قتلى هوازن وجاءوا به في هودج ووراءه كتائب خضر في نسيج السنور السنور لبوس من قد كالدرع وسميت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها ويقال لليل المظلم أخضر ويقال أباد الله خضراءهم أي سوادهم

قوله تعالى (فيهما عينان نضاختان) أي فوارتان بالماء عن بن عباس والنضخ بالخاء أكثر من النضح بالحاء وعنه أن المعنى نضاختان بالخير والبركة وقاله الحسن ومجاهد بن مسعود وبن عباس أيضا وأنس تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور في دور أهل الجنة كما ينضخ رش المطر وقال سعيد بن جبير بأنواع الفواكه والماء الترمذي قالوا بأنواع الفواكه والنعم والجواري المزينات والدواب المسرجات والثياب الملونات قال الترمذي وهذا يدل على أن النضخ أكثر من الجري وقيل تنبعان ثم تجريان قوله تعالى (فيهما فاكهة ونخل ورمان) فيه مسألتان الأولى قال بعض العلماء ليس الرمان والنخل من الفاكهة لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام وقال الجمهور هما من الفاكهة وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة كقوله تعالى

حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى البقرة وقوله من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال وقد تقدم وقيل إنما كررها لأن النخل والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا لأن النخل عامة قوتهم والرمان كالثمرات فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها فإنما ذكر الفاكهة ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة إلى ما والاها من أرض اليمن فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها وقيل أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا للتفكه ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله وهي المسألة الثانية إذا حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث وخالفه صاحباه والناس قال بن عباس الرمانة في الجنة مثل البعير المقتب وذكر بن المبارك قال أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكرانيفها ذهب أحمر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس فيه عجم قال وحدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة قال نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى وإن ماءها ليجري في غير أخدود والعنقود اثنا عشر ذراعا

(الرحمن 70 - 71)

الأولى قوله تعالى (فيهن خيرات حسان) يعني النساء الواحدة خيرة على معنى ذوات خير وقيل (خيرات) بمعنى خيرات فخفف كهين ولين بن المبارك حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد بن عامر قال لو أن خيرة من (خيرات حسان) أطلعت من السماء لأضاءت لها ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ولنصيف تكساه خيرة خير من الدنيا وما فيها (حسان) أي حسان الخلق وإذا قال الله تعالى (حسان) فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن وقال الزهري وقتادة (خيرات) الأخلاق (حسان) الوجوه وروي ذلك عن النبي (ص) من حديث أم سلمة وقال أبو صالح لأنهن عذارى أبكار وقرأ قتادة وبن السميقع وأبو رجاء العطاردي وبكر بن حبيب السهمي (خيرات) بالتشديد على الأصل وقد قيل إن خيرات جمع خير والمعنى ذوات خير وقيل مختارات قال الترمذي فالخيرات ما اختارهن الله فابدع خلقهن باختياره فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين ثم قال (حسان) فوصفهن بالحسن فإذا وصف خالق الحسن شيئا بالحسن فانظر ما هناك وفي الأوليين ذكر بأنهن (قاصرات الطرف) الرحمن وكأنهن الياقوت والمرجان) فانظر كم بين الخيرة وهي مختارة الله وبين قاصرات الطرف وفي الحديث (إن الحور العين يأخذ بعضهن بأيدي بعض ويتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بأحسن منها ولا بمثلها نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن الناعمات فلا نبؤس أبدا ونحن خيرات حسان حبيبات لأزواج كرام (خرجه الترمذي بمعناه من حديث علي رضي الله عنه وقالت عائشة رضي الله عنها إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا نحن المصليات وما صليتن ونحن الصائمات وما صمتن ونحن المتوضئات وما توضأتن ونحن المتصدقات وما تصدقتن فقالت عائشة رضي الله عنها فغلبنهن والله الثانية واختلف أيهما أكثر حسنا وأبهر جمالا الحور أو الآدميات فقيل الحور لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة.


تفسير القرطبي ج:17 ص:183 - 187

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[03 - 05 - 2006, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم ..
يرى الدكتور إبراهيم السامرائي أنّ في قوله تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) إشارة إلى الجمع بدلالة قوله: (فيهنّ). وأنّ هذه الإشارة قد دلت على الحقيقة التي أريدت في عامّة سورة الرحمة التي برزت فيها التثنية. فالمراد في قوله: (جنّتان) و (عينان) و (زوجان)، والخطاب الذي تكرّر في قوله: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) وغير هذا كلٌّ أريد به الجمع، ولم تكن التثنية إلا شيئاً جيء به لإحسان النّظم في بديع القرآن.
والله أعلم ..
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير