أحدهما: الإرادة الكونية وهي الإرادة المستلزمة لوقوع المراد التي يقال فيها ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وهذه الإرادة في مثل قوله: " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا". وقوله: " ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم"، وقال تعالى: " ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد"، وقال تعالى: " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، وأمثال ذلك، وهذه الإرادة هي مدلول اللام في قوله: " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم".
قال السلف: خلق فريقا للاختلاف وفريقا للرحمة، ولما كانت الرحمة هنا الإرادة، وهناك كونية، وقع المراد بها فقوم اختلفوا وقوم رحموا.
وأما النوع الثاني، فهو الإرادة الدينية الشرعية وهي محبة المراد ورضاه ومحبة أهله والرضا عنهم وجزاهم بالحسنى كما قال تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وقوله تعالى: " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم"، وقوله: " يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا".
فهذه الإرادة لا تستلزم وقوع المراد إلا أن يتعلق به النوع الأول من الإرادة ولهذا كانت الأقسام أربعة:
أحدها: ما تعلقت به الإرادتان وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة فإن الله أرادة إرادة دين وشرع فأمر به وأحبه ورضيه وأراده إرادة كون فوقع ولولا ذلك لما كان.
والثاني: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة فعصى ذلك الأمر الكفار والفجار فتلك كلها إرادة دين وهو يحبها ويرضاها لو وقعت ولو لم تقع.
والثالث: ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط وهو ما قدره وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها كالمباحات والمعاصي فإنه لم يأمر بها ولم يرضها ولم يحبها إذ هو لا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لها لما كانت ولما وجدت فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
والرابع: ما لم تتعلق به هذه الإرادة ولا هذه فهذا ما لم يكن من أنواع المباحات والمعاصي وإذا كان كذلك فمقتضى اللام في قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون هذه الإرادة الدينية الشرعية وهذه قد يقع مرادها وقد لا يقع فهو العمل الذي خلق العباد له أي هو الذي يحصل كمالهم وصلاحهم الذي به يكونون مرضيين محبوبين فمن لم تحصل منه هذه الغاية كان عادما لما يحب ويرضى ويراد له الإرادة الدينية التي فيها سعادته ونجاته وعادما لكماله وصلاحه العدم المستلزم فساده وعذابه وقول من قال العبادة هي العزيمة أو الفطرية فقولان ضعيفان فاسدان يظهر فسادهما من وجوه متعددة. انتهى كلامه رحمه الله.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[23 - 07 - 2007, 11:06 م]ـ
ولا يزالون مختلفين: ليسوا أمة واحدة بل أمم مختلفة وليس أديان مختلفة حيث أن أهل الدين الواحد قد يكونوا أمم مختلفة "ولتكن منكم أمة " و"منهم أمة ... "ولم يرد فى الآيه ذكر للأديان.
واذا كان القول هذا أصح فعندئذ يكون "الا مارحم ربك "هم أمة الاسلام كلها "ان هذه أمتكم أمة واحدة"."ولذلك خلقهم "تكون: ليسلموا أى هى فى الحقيقة"وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون"