تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولد صباح الأربعاء في السادس من جمادى الآخرة سنة (1280هـ) في أسرة عُدَّت من أعيان المنطقة ووجهائها، وتلقى التعليم الإسلامي بقراءة القرآن الكريم، ثم عكف على تعلم اللغة العربية وهو ابن أربع عشرة سنة وبرَّزَ فيها، حتى إذا ما أتقنها توجه نحو اللغة الإنكليزية، وهو ابن عشرين سنة والتحق بعد إكماله الثانوية بكلية (عليكره). واعتنى في أثناءِ دراسته بالفلسفة الحديثة والعلوم العصرية وتولّى بعد إكمال دراسته تدريس اللغتين: العربية والفارسية في مدرسة الإسلام بمدينة كراجي، وكلية عليكره، وجامعة الله آباد، واختارته حكومة حيدر آباد عميداً لدار العلوم، وكان أحد المؤسسين للجامعة العثمانية بحيدر آباد، وهو الذي اقترح أن يكون تدريس العلوم الشرعية باللغة العربية، والعلوم العصرية بالأردية، فوافق المسؤولون على المقترح الثاني وأهملوا المقترح الأول.

مكث في حيدر آباد إلى سنة 1337 هـ ثم استقال من منصبه، وعاد إلى وطنه، وهو بين خمسين وستين من عمره، وتولى إدارة مدرسة إصلاح المسلمين في بلدة (سراي مير)؛ وظل عاكفاً على التدريس والتأليف حتى توفاه الله وهو يتلو القرآن الكريم في التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة 1349هـ، على إِثر عملية جراحية أجراها طبيبه الخاص في مدينة (مثورا) ودُفن فيها، تاركاً عدة كتب إسلامية تشهد له بالعلم الواسع، والثقافة الأصيلة، والإحاطة بالتراث العربي والإسلامي.

وقد أثنى العلماء على أخلاقه الإسلامية، ودفاعه عن الإسلام، وردّ شبهات المستشرقين، وتحدثوا عن زهده بعد أن نذر نفسه لخدمة الإسلام، ولغة القرآن الكريم؛ وقد عَبَّرت إحدى رباعياته عن ذلك فقال مُحذِّراً نفسه:" الجاهل مشغول بالبحث عن لذيذ المأكل، والعاقل مصروف همه إلى نيل الصيت والسمعة، أما أنت أيها الفراهي فاجْتَنب الاثنين، فيوشك أن ترى كليهما قد نشبت حلوقهما في الحبالة" (تنظر ترجمة حياته في كتاب مفردات القرآن للفراهي، تأليف الدكتور محمد أجمل محمد أيوب الإصلاحي- السعودية).

(2)

ترك الفراهي عدة كتب في علوم القرآن وتفْسيره، وكان منها "جمهرة البلاغة" الذي قال عنه الإصلاحي:"جمهرة البلاغة الذي نقض فيه الأساس الذي يقوم عليه فن البلاغة عند ارساطاليس، وهو نظرية المحاكاة. ويرى الفراهي أنَّ فن البلاغة العربية تأثّرَ بهذه النظرية فجار عن قصد السبيل. وانتقد في ذلك الإمام عبد القاهر الجرجاني مع اعترافه بجلالته، ودعا إلى تأسيس فن البلاغة على أسس منبثقة من القرآن الكريم وكلام العرب الأَقحاح" (كتابه السابق ص 26).

وقد أُعجب بهذا الكتاب شبلي النعماني ولخَّصَ بعض مباحثه المهمة ولا سيما نظرية المحاكاة، ونشرها في (مجلة الندوة) التي كان يصدرها باللغة الأردية. وقد نشر الكتاب بعد وفاة مؤلِّفه، قال الإصلاحي:"ونقد قبل أن يصل إلى البلاد العربية ليأخذ مكانه من البحث والنقاش، فهو فريد في تأريخ البلاغة العربية" (كتابه ص 26).

إِن كتاب "جمهرة البلاغة" فريد حقاً؛ لأن مؤلفه بناه على غير ما بُنيت كتب البلاغة العربية إذ جعله قسمين:

الأول: القسم العمومي.

الثاني: القسم الخصوصي.

وألحق بهما مباحث متفرقة، لما ندّ عن هذين القسمين.

بدأ الفراهي كتابه بمقدمة موجزة قال فيها:" سبحان الذي فَضَّلَ بني آدم على سائر الخلائق فجعله الحيَّ الناطق، كما فَضَّل محمداً على سائر بني آدم فأعطاه أبلغ الكلم. فلنشكرن ربنا الرحمن بداية على أنْ علّمنا البيان ونهاية على أن نَزَّلَ علينا القرآن. ولا شكر لمن جهل بالنعمة فضيَّعها أو حَوّلها فأخطأ موضعها، فوجب علينا أن نعرف أسرار البيان وفضائله كما وجب علينا أن نعرف إعجاز القرآن ودلائله لنستكمل من فطرتنا عنصرها، ونستقي من عيون الوحي كوثرها، وها أنا أشرع في المقصود". (جمهرة البلاغة ص1).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير