وهذا إسناد ساقط، يحيى بن العلاء رمي بالوضع، رماه به الإمام أحمد وغيره، وقال الفلاس، والنسائي وغيرهما: متروك. (انظر تهذيب الكمال 31/ 484، والتقريب 7618)، وغالب بن عبيد الله قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، منكر الحديث. (التاريخ الكبير 7/ 101، والجرح والتعديل 7/ 48)، مع أنه إسناد مرسل.
فهذا أهم ما ورد في فضل من يموت في أحد الحرمين، وقد تبين أنه لا يصح من ذلك شيء، بل بعضها أوهى من بعض.
ولكن روي في فضل من يموت بالمدينة خاصة أحاديث أُخر، وهذا بيانها:
أولاً: حديث ابن عمر، ولفظه "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها".
- أخرجه الترمذي 6/ 203 ح3917، وابن ماجه 2/ 1039 ح3112، وأحمد 2/ 74 ح5437، وابن حبان 9/ 57 ح3741، والبيهقي في شعب الإيمان 8/ 116 ح3887، والبغوي في شرح السنة 7/ 324 ح2020 من طريق هشام الدستوائي.
وأحمد 2/ 104 ح5818، والدارقطني في العلل، وأبو بكر الأنصاري في المشيخة الكبرى 3/ 1265 ح639 من طريق الحسن بن أبي جعفر.
وابن أبي شيبة 6/ 405 ح32421، والدارقطني في العلل (الصارم المنكي ص72) من طريق إسماعيل بن علية.
وأبو القاسم البغوي، والهيثم بن كليب، والدارقطني في العلل (الصارم المنكي ص72 - 73) والبيهقي في شعب الإيمان 8/ 116 ح3888، من طريق سفيان بن موسى البصري.
والدارقطني في العلل (الصارم المنكي ص74) عن موسى بن هارون، عن إبراهيم بن الحجاج، عن وهيب.
خمستهم (الدستوائي، والحسن، وابن علية، وسفيان بن موسى، ووهيب) عن أيوب السختياني.
والفاكهي في أخبار مكة 3/ 160 ح1918، وابن الجوزي في الموضوعات 2/ 219 من طريق عبد الله بن نافع، عن مالك.
كلاهما (أيوب، ومالك) عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر، إلا أنه في رواية مالك مطول، ولم يذكر وهيب في روايته عن أيوب: ابن عمر، بل جعله من مرسل نافع، وقال في رواية ابن علية - عند ابن أبي شيبة -: نبئت عن نافع أنه حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يصرح باسم أيوب، ولم يذكر ابن عمر، وقال في روايته - عند الدارقطني -: عن أيوب، نبئت عن نافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال موسى بن هارون في روايته عن إبراهيم بن الحجاج عن وهيب: لا أدري سمعته من إبراهيم بن الحجاج أم لا.
وقد تبين أن لهذا الحديث عن نافع طريقين، أولهما: طريق مالك، وهو طريق منكر كما قال الفاكهي بعد سياقه، وقال ابن الجوزي بعد أن ذكره في الموضوعات: وهذا لا يصح، قال البخاري: عبد الله بن نافع منكر. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.
وثانيهما: طريق أيوب السختياني، وقد اختلف فيه على أيوب فروي عنه على وجهين:
الوجه الأول: عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، وهذه رواية هشام الدستوائي، والحسن بن أبي جعفر، وسفيان بن موسى البصري.
الوجه الثاني: عن أيوب، عن نافع مرسلاً، وهذه رواية وهيب، وكذا هي رواية إسماعيل بن علية، إلا أنه عند ابن أبي شيبة لم يصرح باسم أيوب فقال: نبئت عن نافع. وعند الدارقطني قال: عن أيوب قال نبئت عن نافع. فإما أن يكون سقط من رواية ابن أبي شيبة ذكر أيوب، ويكون أيوب لم يسمعه من نافع في رواية ابن علية، وإما أن يكون ما وقع في رواية الدارقطني وهماً أدى إليه أن ابن عليه لم يصرح باسم أيوب، بل قال نبئت عن نافع، فبينه الراوي عن إسماعيل وذكر اسمه وأبقى صيغة الأداء كما هي فصار الإسناد بهذه الصورة، ويحتمل غير ذلك، والذي لا شك فيه أن رواية إسماعيل بن علية مرسلة، ليس فيها ذكر ابن عمر.
وقد قال الدارقطني بعد أن ذكر هذين الوجهين: ووهيب وابن علية أثبت من الدستوائي، ومن الجفري - يعني الحسن بن أبي جعفر - ومن سفيان بن موسى.
وهذا صريح من الدارقطني في ترجيح الوجه المرسل، وهو ظاهر فإن ابن علية أثبت من روى هذا الحديث عن أيوب، بل هو أثبت الناس في أيوب، والقول قوله.
أما الترمذي فقال بعد ذكر الوجه الأول: حديث حسن غريب. وزاد في بعض النسخ قوله: صحيح. ولعل عدم ذكر هذه الزيادة أصوب، فإن صحة هذا الحديث بعيدة، وقد اكتفى البغوي بقوله: حسن.
¥