تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فثبت أن هذه المتابعة (متابعة محمد بن واسع) متابعةٌ واهيةٌ منكرةٌ ساقطة، لا يُعتدّ بها. وأقوى أسانيدها: الرواية الموقوفة على سالم.

9 - ذكر المؤلف (ص24) متابعة المهاصر بن حبيب، يعني: لعمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن جده.

ثم أطال في تعيين المهاصر، وتقوية روايته، ثم أطال جدًّا في تقوية الراوي عنه (سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر).

إلى أن قال (ص31): "ناهيك أنه لم يتفرد عن مهاصر بن حبيب به؛ بل تابعه غيره، فقد قال المزي في تحفة الأشراف (8/ 58): ورواه أبو خالد الأحمر، عن المهاصر بن حبيب، عن سالم، عن أبيه، عن جده، ورواه غيره عن المهاصر، فلم يقل: عن جده".

ولا أدري، هل يخفى على صغار الطلبة أن هذه مخالفة لا متابعة؟!!

فإن قلت: إن عمر - رضي الله عنه - وابنه صحابيان، فلا يضر سقوط أحدهما من الإسناد.

فالجواب: أن لو ثبت أن المهاصر يسقط عمر مرة ويذكره مرة، فهذا اضطراب منه، قد يضعف الرواية.

على أن هذه المخالفة ليست علّة حقيقيةً لهذه الرواية، ويأتي.

ثم نقل المؤلف نقلاً مطولاً (ص32 - 39) عن الألباني - رحمه الله - من سلسلته الصحيحة.

لكنهما لم يجيبا عن العلة القادحة في رواية المهاصر هذه، التي بينها الأئمة المتقدمون، فانظر في كلامهم، و"كن حريصًا على فهمه فهمًا صحيحًا، والاستفادة منه":

- قال الإمام الحافظ علي بن المديني: "وأما حديث مهاجر عن سالم فيمن دخل السوق، فإن مهاجر بن حبيب ثقة من أهل الشام، ولم يلقَهُ أبو خالد الأحمر، وإنما روى عنه ثور بن يزيد، والأحوص بن حكيم، وفرج بن فضالة، وأهل الشام. وهذا حديث منكر من حديث مهاجر من أنه سمع سالمًا. وإنما روى هذا الحديث شيخٌ لم يكن عندهم بثبت، يُقال له: عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، حدثناه زياد بن الربيع عنه به، فكان أصحابنا يُنكرون هذا الحديث أشد الإنكار لجودة إسناده ... ولو كان مهاجر يصح حديثه في السوق لم يُنكَر على عمرو بن دينار هذا الحديث".

تنبيه: "مهاجر" في هذا النص مصحفة عن "مهاصر".

- وقال الإمام الحافظ يعقوب بن شيبة السدوسي في مسنده - كما في الملخص منه -: "وهذا الحديث من هذا الوجه رجاله ثقات، غير أن أبا خالد لم يلقَ مهاصر بن حبيب، ومهاصر بن حبيب شامي ثقة، روى عن ثور بن يزيد، والأحوص بن حكيم، والمتقدمون، ومن دونهم في السن فرج بن فضالة ونحوه، وقال علي بن المديني في هذا الحديث بعينه: أبو خالد الأحمر لم يدرك مهاصرًا، ولم يسمع منه".

فالعلة القادحة في الإسناد: الانقطاع بين أبي خالد الأحمر ومهاصر بن حبيب.

وقد ذكر ابن حبان في الثقات (5/ 454) أن مهاصر بن حبيب توفي سنة ثمان وعشرين ومائة.

وسأل هارونُ بن حاتم أبا خالد الأحمر: متى ولد؟ فقال - كما في تهذيب الكمال (11/ 397) -: "سنة أربع عشرة ومائة".

وهارون بن حاتم وإن تُكُلِّم فيه في الحديث، إلا أن له نقلَهُ في مثل هذا ليس مما يُتشدد فيه، بل هو من المصنفين في التاريخ - كما في الميزان (4/ 282) -، ولذا قَبِل نقلَهُ هذا الذهبيُّ - كما في تذكرة الحفاظ (1/ 272) -، وابنُ حجر - كما في التقريب (2547) -.

وهذا يفيد أن مهاصر بن حبيب توفي ولأبي خالد الأحمر نحو أربع عشرة سنة.

وولادة أبي خالد الأحمر كانت في جرجان - كما قال ابن نمير (تاريخ جرجان، ص216) -، ثم انتقل إلى الكوفة فنشأ بها - كما قال العجلي (تهذيب التهذيب: 4/ 159) -.

ومهاصر بن حبيب من أهل الشام، وروى عنه أهل الشام، ولم يُذكر برحلة.

وهذا يفيد أن نشأة أبي خالد الأحمر كانت بين جرجان والكوفة، ولم يُذكر أنه ورد الشام، وموت مهاصر كان في وقت فتوة أبي خالد ونشأته، ويبعد جدًّا أن يكون أبو خالد قدم الشام ولم يبلغ الرابعة عشرة، فإن النقلة من جرجان إلى الكوفة طويلة، ثم إن نشأة أبي خالد كانت في الكوفة، ويصدق على من بلغ الرابعة عشرة أنه ناشئ.

وهذه قرائن قوية تقطع بصحة ما حكم به الإمامان ابن المديني وتلميذه يعقوب بن شيبة من الانقطاع بين أبي خالد ومهاصر بن حبيب، فليس بينهما لقاء ولا سماع، والمعاصرة الواقعة هنا لا تكفي في إمكان السماع - لو قلنا بأن المعاصرة كافية في الاتصال -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير