تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما سأله القاسم بن عبد الرحمن الأنباري عن حديث أبي الصلت هذا قال: هو صحيح. رواه الخطيب (11/ 49) ومن طريقه ابن عساكر (42/ 380) والمزي (18/ 77).

وقال ابن معين عن رواية عمر بن إسماعيل بن مجالد الآتية: حدّث عن أبي معاوية بحديث ليس له أصل، كذبٌ عن الأعمش: عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: عليٌّ مدينة العلم، أو كلام هذا معناه. كما في العلل لعبد الله بن أحمد (3/ 9)، ورواه عنه بمعناه ابن أبي حاتم والعقيلي.

وقال ابن الجنيد (53 ومن طريقه الخطيب 11/ 204): سمعت يحيى بن معين وسئل عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد، فقال: كذاب، يُحدِّث أيضاً بحديث أبي معاوية عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهذا حديث كذب ليس له أصل.

وذكر أبوزرعة في الضعفاء (520 وانظر الجرح والتعديل 6/ 99 وتاريخ بغداد 11/ 205) أنه سمع من عمر بن إسماعيل هذا الحديث، فأنكره عليه قائلا له: ولا كل هذا بمرة! ثم قال: فأتيتُ ابن معين فذكرتُ ذلك له، فقال: قل له: يا عدو الله! متى كتبت أنت هذا عن أبي معاوية؟ إنما كتبتَ أنت عن أبي معاوية ببغداد، ومتى روى هو هذا الحديث ببغداد؟

وروى الخلال (121) عن محمد بن أبي يحيى، عن ابن معين أنه قال: حدثني به ثقة: محمد بن الطفيل عن أبي معاوية.

• فهذا ما وقفنا عليه من كلام ابن معين عن الحديث وراويه أبي الصلت، وهو كما ترى مختلف جدا، وقد حاول الخطيب في تاريخه (11/ 49) التوفيق قائلاً: أحسب عبد الخالق سأل يحيى بن معين عن حال أبي الصلت قديما، ولم يكن يحيى إذ ذاك يعرفه، ثم عرفه بعد، فأجاب إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن حاله. وأما حديث الأعمش فإن أبا الصلت كان يرويه عن أبي معاوية عنه، فأنكره أحمد بن حنبل ويحيى بن معين من حديث أبي معاوية، ثم بحث يحيى عنه فوجد غير أبي الصلت قد رواه عن أبي معاوية.

وقال في توجيه تصحيح ابن معين المذكور في رواية ابن الأنباري قائلا (11/ 50): أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إذ قد رواه غير واحد عنه.

قلت: من الظاهر من هذه النقول أن يحيى بن معين -على إمامته وسعة معرفته وروايته- لم يكن قد سمع بالحديث في البداية، مع أنه مذكورٌ عن مجاهد، والأعمش، وأبي معاوية، وهم من هم! وكذلك الشأن مع الإمام أحمد -وهو القائل: كل حديث لا يعرفه ابن معين فليس هو بحديث- فكيف يفوتهما هذا الحديث ويظهر في القرن الثالث عند أبي الصلت؟ وعن أبي معاوية شيخ ابن معين وأحمد! ثم لما أخبر أصحابُ ابن معين شيخَهم بالحديث مستنكرين له كانت إجابته على أضرب:

أما عن الأعمش فقد نص أنه كذبٌ عليه ولا أصل له عنه وأنه لم يسمع به قط، ولم يُذكر عن ابن معين خلاف هذا بخصوص رواية الأعمش، وهذا كافٍ في الحكم على الطريق، على أن لابن معين حكماً في مسألة رواية الأعمش عن مجاهد، فقال في رواية ابن طهمان الدقاق عنه (59): الأعمش سمع من مجاهد، وكل شيء يرويه عنه لم يسمع، إنما مرسلة مُدلَّسة.

وأما عن أبي معاوية فقد صرَّح في بعض الروايات أنه لا يعرف روايته، وقال في واحدة منها إنه من حديثه الذي كفَّ عنه، على ما أخبره ابن نُمير -وفي هذا الأمر استشكال يأتي قريباً- وقال في رواية أخرى أنه حدثه ثقة عن أبي معاوية -والراوي لهذا عنه لم أجد له ترجمة- ولكن على فرض ثبوت ذلك فقد جمع الخطيب بين القولين كما تقدم، كما أن الأمر إن كان كما نقل عن ابن نُمير فهذا يلتقي مع حكم ابن معين أن الحديث كذبٌ لا أصل له عن الأعمش، فلولا أن أبا معاوية علم وهنه وأنه ليس من حديث شيخه الأعمش ما كفَّ عنه، وأشار لهذا العلامة المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة للشوكاني (352)، وأما إن كان الأمر كما كان يقول ابن معين -وجماعة سواه- إنه لا يعرفه عن أبي معاوية مطلقاً فالحال أشد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير