تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وهل يشك الفاروق!!؟]

ـ[أبو عبد الله ابراهيم]ــــــــ[07 - 10 - 08, 09:35 م]ـ

صبحت ظاهرة النيل من الصحابة الكرام مما يميز هذه الفترة من الزمن الرديء الذي نعيشه ويظن البعض أن الدافع وراء ذلك واحد من قبل الأعداء التقليديين للصحابة الكرام، ولكن الحقيقة ان للجهل حظا كبيرا من الأمر.

أثار استغرابي مقال منشوربأحد المواقع بعنوان: هل شك الصحابي عمر بنبوة محمد؟ وكان أكثر ما أثار الاستغراب هو الصياغة الاستفزازية

الصارخة في العنوان مع خلوه وخلو المقال _ كله _ إلا ضمن النقل من المصادر _ من لفظ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم،

مما يجمل بداية نظرة الكاتب للقيمة الدينية لمقام النبوة لدى المسلمين.

ومع المضي في القراءة تتكشف المعالم الكبرى لفكر الكاتب في تعاطيه مع هذا الموضوع خصوصاً، ومع التراث الديني ونصوصه وطريقة فهمه وتحليله واستنباط النتائج منه بعد ذلك عموما ً.

وبمكن إجمال الأفكار الرئيسية في المقال فيما يلي:

1 – إبراز الموقف المشهور للفاروق عمر رضي الله عنه في صلح الحديبية على أنه شك ّ في النبوة نفسها، تساوى فيه الإيمان والكفر، ووصل إلى حافة الردة والمروق من الدين، بل إن ذلك كاد يظهر عملياً بالخروج و الإنشقاق على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.

2 – وصف الفاروق بالخطأ في هذا الموقف مع الصدق والإخلاص في الدوافع نتيجة عدم فهم النبوة وطبيعتها، وتشبيه ذلك بشك نبي الله إبراهيم عليه السلام و أن ذلك من قبيل عدم الثقة بالذات.

3 – الاستناد إلى الروايات الواردة في الموضوع في كتب السير والحديث ودلائل النبوة دون التمييز بين الصحيح والضعيف المنقطع، وتحكيم

المنهج الذاتي للحكم على الروايات دون قواعد علم مصطلح الحديث أو الاستشهاد بأئمة هذا الفن.

فهو يحكم بأن رواية ((فلماذا نعطي الدنية من أنفسنا)) محرفة بدافع هاجس الخوف من اتهام الخليفة بالشك والارتياب!

ويعتمد على رواية عند الواقدي في هم عمر بالانشقاق الفعلي عن صفوف المسلمين.

وهو يصرح بأن بعض المقاطع من الروايات الرئيسية الموجودة في المصادر الأم _ على حسب تعبيره _ مقحمة وغير صحيحة، فهو يرى أن عدم انصياع الصحابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة بالنحر والتحلل من الإحرام إنما سيق ضمن الروايات للتخفيف من وقع موقف الصحابي الجليل عمر بن الخطاب على المسلمين فيما بعد، وهكذا فإنه لاينبغي أن يشعر بضعف موقف المسلمين في المعاهدة بحسب موازين

الظاهر إلا عمر وحده من بين جميع الصحابة.

4 – تحكيم النظرات الخاصة في فهم نصوص الروايات، دون الرجوع إلى المصادر الشارحة أو اعتماد قواعد الدلالة، فهو يرى التناقض في موقف الصحابة عندما يمتنعون عن الذبح والحلق، ولا يجد أمام هذه المفارقة على حد قوله إلا بأن يصرح بأنها لعبة الموازنة الدقيقة، فلكي نبرر موقف

الصحابي الجليل نسوق هذا الاضطراب المثير للدهشة حقا ً.

وتأتي أهمية الرد والمناقشة لهذه الأفكار من باب الإيضاح والتبيين لجمهور السواد الأعظم من الناس لبعض القضايا المنهجية المغيبة في التعامل مع نصوص التراث إثباتاً وتفسيراً، مع فشو النزعات الفكرية الذاتية في البحث والتحليل في عصر ضعف الثقافة العلمية الإسلامية، وانتشار ثقافة الاستهلاك فضلاً عن تجلية الأمر في قضية مهمة شائكة من قضايا السيرة النبوة ومواقف الصحابة رضي الله عنهم قد يجهلها كثير من الخاصة فضلا عن العامة، هذا إذا افترضنا سلامة الدوافع لدى الكاتب، وهو الأصل الذي ننطلق منه، وإن كانت بعض الإشارات والغمزات الخفية

والظاهرة تعكر على ذلك.

وبناء على ماتقدم نجمل الرد فيما يلي:

أولاً: قصة صلح الحديبية ومواقف الصحابة منه رويت بالروايات الصحيحة المشهورة في كتب السنة، ومنها صحيح البخاري وغيره، ولكن اللافت للنظر تركيز الكاتب على لفظة الشك التي وردت في بعض الروايات ((ماشككت منذ أسلمت إلا يومئذ)) كما في دلائل النبوة للبيهقي وذلك بعد سوق الحوار بين محمد وعمر _ هكذا _ ثم يخلص الكاتب إلى النتيجة الهامة المركزة بقوله: فهو شك ّ إذن، ثم يصف هذه الظاهرة بأنها انتكاسة في الإيمان.

ونقول للكاتب ولغيره ممن يفهم النصوص بهذه الطريقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير