تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دراسته:

أ- دراسة رواية موسى بن يعقوب ورزق بن سعيد عن أبي حازم:

موسى بن يعقوب الزمعي اختُلف فيه، فوثّقه ابن معين، وقال ابن المديني: «ضعيف الحديث، منكر الحديث»، وقال أبو داود: «صالح، قد روى عنه ابن مهدي، وله مشايخ مجهولون»، وقال النسائي: «ليس بالقوي»، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال ابن عدي -بعد ذكر شيء من ما أنكر عليه-: «وهو عندي لا بأس به وبرواياته».

ويظهر من هذا أن موسى ليس بذاك الثقة، بل هو كما قال أبو داود: «صالح»، ويكتب حديثه، ولا يقبل ما تفرد به، فضلاً عمّا خولف فيه. وقد خولف في رفع هذا الحديث -كما سيأتي-.

ورواية موسى عن أبي حازم ليس فيها ذكر الدعاء عند نزول المطر، بل رواها عن شيخ له، هو رزق -وفي روايات: رزيق- بن سعيد بن عبدالرحمن، عن أبي حازم، به؛ فذكر لفظة المطر.

وهذه اللفظة منكرة مردودة؛ لأن رزقًا هذا مجهول، وهو في مشايخ موسى المجهولين -الذين أشار إليهم أبو داود؛ كما سبق-، وقال الطبراني -عقب أن أخرج الرواية-: «ليس لرزق حديث مسند إلا هذا الحديث وحديث آخر منقطع»، وقد تفرد هذا المجهول بهذه اللفظة، وتفرده بها منكر، وسبق أن موسى روى الحديث عن أبي حازم فلم يذكرها، وموسى أقوى حالاً من رزق، ويأتي من رواه عن أبي حازم فلم يذكرها أيضًا.

ورزق مخالَف أيضًا في رفع الحديث -كما خولف موسى بن يعقوب، ويأتي-.

ب- رواية دباب بن محمد وعبدالحميد بن سليمان عن أبي حازم:

روياه كرواية موسى بن يعقوب ورزق بن سعيد عن أبي حازم، مرفوعةً، لكنهما لم يذكرا المطر.

ودباب لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلاً، وعبدالحميد بن سليمان ضعيف، وفُضِّل عليه أخوه فليح -على ضعفه-. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (6/ 105).

ج- رواية مالك عن أبي حازم:

ثبت أن مالكًا رواه في الموطأ موقوفًا على سهل، قال ابن عبدالبر -في التمهيد (21/ 138) -: «هكذا هو موقوف على سهل بن سعد في الموطأ عند جماعة الرواة»، وقال ابن حجر -في نتائج الأفكار (1/ 370) -: «وقد أخرجه مالك في الموطأ موقوفًا، واتفق على ذلك رواة الموطأ».

وقد رواه كذلك عن مالك الأثباتُ، كمعن بن عيسى -وهو أثبت أصحاب مالك في رأي بعض الأئمة-، وعبدالرزاق، وإسحاق بن عيسى، ووافقهم غير واحد.

وخالفهم جماعة فرفعوه، وهم:

- إسماعيل بن عمر، وهو ثقة،

- وأيوب بن سويد، وهو ضعيف، وبعضهم شدد في تضعيفه،

- ومحمد بن مخلد، وهو منكر الحديث متروك، واتهم بالكذب، قال ابن عدي -في الكامل (6/ 256) -: «يحدث عن مالك وغيره بالبواطيل».

- ومنيع أبو مطر، وهذا أشار الدارقطني إلى لينه -كما ذكر ابن حجر في لسان الميزان (6/ 104) -، وقد زاد منيع ذكر المطر في روايته، وزيادته هذه منكرة، فقد تفرد بها على لينه، وخالف فيها الثقاتِ والضعفاءَ عن مالك.

والراجح عن مالك: الرواية الموقوفة، إذ أخرجها هو في موطئه الذي صنّفه، ورواها عنه الأثبات الثقات، وزيادة الرفع عنه ضعيفة شاذة.

د- الراجح عن أبي حازم:

تبيّن أنه اختُلف عنه:

* فرواه موسى بن يعقوب ورزق بن سعيد بن عبدالرحمن ودباب بن محمد وعبدالحميد بن سليمان عن أبي حازم به مرفوعًا،

* ورواه مالك عن أبي حازم موقوفًا،

ورواة الوجه الأول بين ضعيف ومجهول، وأما مالك فالإمام الثقة الحافظ، ولا معدل عن روايته، وهي الراجحة، قال البيهقي -في سننه (1/ 410) -: «رفعه الزمعي ووقفه مالك بن أنس الإمام».

ورواية مالك عن أبي حازم بدون ذكر المطر مؤيد أيضًا لنكارة ذكرها عنه.


(1) وقع في المطبوع: ذياب، وفي الجرح والتعديل (3/ 454): ذباب، والتصويب من المؤتلف للدارقطني (2/ 972)، والإكمال لابن ماكولا (3/ 307) وغيرهما.

ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[02 - 11 - 08, 08:54 م]ـ
2 - حديث بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-:
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (19512) عن محمد بن بشر، نا عبد العزيز بن عمر، حدثني يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدعاء كان يستحب عند نزول القطر وإقامة الصلاة والتقاء الصفين.
وأخرج الشافعي في الأم (2/ 554) - ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن (5/ 186) - قال: أخبرنا من لا أتهم، قال: حدثني عبد العزيز بن عمر، عن مكحول، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث».

دراسته:
إسناد ابن أبي شيبة حسن إلى مكحول، لأجل عبدالعزيز بن عمر، وهو ابن عمر بن عبدالعزيز -وعيَّنه به الشيخُ الألباني في الصحيحة (3/ 453) -، وهو ثقة ذو أخطاء؛ على الأرجح. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (6/ 312).
وأما إسناد الشافعي؛ فظاهرٌ فيه إبهام شيخه، وإن كان المراد به: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي -على عادة غالبة للشافعي في ذلك، قال الربيع: «كان الشافعي إذا قال: (أخبرني من لا أتهم)؛ يريد به إبراهيم بن أبي يحيى ... » -؛ فإن هذا متروك عند عامة أهل الحديث.
ومنه، فقد اختُلف فيه على عبدالعزيز بن عمر:
* فرواه محمد بن بشر -وهو العبدي- عنه، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن بعض الصحابة، بلفظ: (أن الدعاء كان يُستحب ... )،
* ورواه شيخ الشافعي عن عبدالعزيز، عن مكحول، مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ومحمد بن بشر ثقة حافظ، ولم يُعرف راوي الوجه الثاني، ويُحتمل أنه أحد المتروكين، وروايته فيها تقصير في سياقة الإسناد؛ فقد أسقط يزيد بن يزيد بن جابر، وأسقط ذكر بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجعله عن مكحول مرسلاً. وأما رواية محمد بن بشر؛ فإنه مجوَّدة صحيحة.
ويزيد بن يزيد بن جابر عدَّه أبو مسهر ودحيم -إماما أهل الشام- وأبو حاتم الرازي= من أعلى أصحاب مكحول.
وليس في هذه الرواية ما يُخشى منه إلا إرسال مكحول، فإن مكحولاً -وإن سمع من بعض الصحابة-؛ فإنه كثير الإرسال، ولم يبيِّن في هذه الرواية الصحابيَّ ليُعلم هل هو ممن سمع منه أم لا.
وقوله: (عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدعاء كان يُستَحب ... ) له حكم الرفع -كما تقرر في علوم الحديث-.
فإسناد هذه الرواية مرفوع صالح.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير