ـ[أبو همام السعدي]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:19 م]ـ
(فوائد الدرس التاسع)
الفائدة الأولى: (التعريفُ بكتبِ الأطْرافِ) الأطراف: فهي جمع طرف؛ وهي جزء الحديث الدال على بقيته. مثل حديث "إنما الأعمال بالنيات .. " هذا طرف الحديث، وكذلك حديث سؤال جبريل ونحو ذلك, وهي نوع من المصنفات الحديثية اقتصر فيها مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الذي يدل على بقيته ثم ذكروا أسانيده التي وردت من طريقها ذلك المتن، وذلك إما على سبيل الاستيعاب: بحيث تشمل كتباً كثيرة، أو على سبيل التقييد: في كتب معينة مثل أطراف الصحيحين.
ويلاحظ: أن كتب الأطراف لا تذكر متن الحديث كاملا:
مثال (*) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحيُّ، عن إسحاق، عن أنس.
199 (خ م د ت س) حديث: كان رسول الله يدخل على أمّ حَرام فتُطعمه، وكانتْ تحت عُبادة ... الحديث. خ في الجهاد (3) وفي الرؤيا (التعبير 12) عن عبد الله بن يوسف وفي الإستئذان (41) عن إسماعيل م في الجهاد (22) ...
بل ربما لا يذكر أصلاً المتن إنما يذكر عبارة على المتن:
مثال (*) عبد الله بن زيد أبو قلابة الجرميُّ الأزديُّ، عن أنس. (خ م د س) حديث: العرنيِّين ومنهم من ذكر معه حديث القسامة. خ في الطهارة (71: 1) عن سليمان بن حرب؛ وفي المحاربين (4: 1) .... ومثله حديث الإفك.
فعلى هذا نقول: إن صناعة المتون –من أراد التفقه في متن معين- فإنها لا تطلب من كتب الأطراف أبدا, كما هو واضح.
الفائدة الثانية: (الفرق بين كتب المسانيد وكتب الأطراف) يظهر لنا فرقين اثنين:
الأول: كتب المسانيد تذكر المتن كاملا، بينما كتب الأطراف لا تذكر المتن كاملا إنما تذكر طرف المتن أو ما يدل على المتن.
الثاني: كتب المسانيد كتب أصلية: يروي أصحابها الحديثَ بأسانيدهم. مثل الكتب الستة. وكتب الأطراف كتب فرعية: يذكرونها بأسانيد غيرهم.
الفائدة الثالثة: (نشأة كتب الأطراف) ففكرة الأطراف قديمة جدا, وهيَ: مِن أقدم طرق التصنيف عند المحدثين, ومِن أقدم من وقفَتُ عليه ذَكَََر الأطراف؛ الإمام إبراهيم بن يزيد النخعي من أئمة التابعين (94هـ) إذ قال: لا بأس بكتابة الأطراف.
ورُوي نحو ذلك عن محمد بن سيرين. ويقصدون بذلك: أنهم يكتبون طرف الحديث ثم يتذاكرون بها مع الحفاظ. فيكتبونَ طرف حديث (إنما الأعمال ... ) ثم يقولون: يا فلان أكمل هذا الحديث. ولهذا نقول:
* لقد حمل المحدثون هَمّ تبليغ دين الله عز وجل وتبليغ سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فابتكروا طرقا عديدة في التصنيف والتأليف, ففي القرن الثاني نشأت طريقة المصنفات والموطآت, وفي القرن الثالث -العهد الذهبي للسنة النبوية- من أبرز ما نشأت طرق التصنيف, وألفت فيها أعظم الكتب التي يرجع إليها المسلمون، ألا وهي "تأليف الصحاح ". وفي القرن الرابع نشأت كتب المستدركات,, وغيرها.
* فنلاحظ أن المحدثين رحمهم الله بذلوا جهداً عظيماً في تبليغ دين الله عز وجل وتفنّنوا في التصنيف تفنناً عجيباً. فلماذا لا يُبرز هذا الجهد؟ أليسَ مِنَ المفترض أنه نعلِّم الأجيال كيف تفنّن أسلافنا، وعلماؤنا في خدمة هذا الدين؟ وأن الطرق والأساليب ممكن أن تتجدد وممكن أن تبتكر طرقا أخرى بينما العلم نفسه هو ثابت!
الفائدة الرابعة: (أقدم كتب الأطراف) كتاب "أطراف الصحيحين" لأبي مسعود إبراهيم بن مسعود الدمشقي (401هـ) وكتاب "أطراف الصحيحين" لأبي محمد خلف بن محمد الواسطي.
وكتاب " الإشراق على معرفة الأطراف" لأبي القاسم ابن عساكر المتوفي (597هـ) وهو في أطراف السنن الأربعة.
وفي الحقيقة هناك كتابين -من أهمِّ كتب الأطراف- مطلقاً: كتاب "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" للإمام المزي. وكتاب "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة" لابن حجر العسقلاني.
* هذان الكتابان لا بد أن تكون عند طالب العلم، ولو سافر طالب العلم إلى الصين لشراء الكتابين لم يكن كثيراً, وأوصي طلبة العلمِ: ألا يبخلوا على أنفسهم بشراءِ الكتب، فأنا ألاحظ في الآونة الأخيرة طلبة العلم بدؤوا يبخلون على أنفسهم بالكتب!
* والحقيقة مما يحُزّ في نفسي أنه تأتيني أحيانا رسائل من بعض البلدان ومن الإخوان المحبين والحريصين على علم الحديث.
¥