ثانيها: عدد الأحاديثِ التي رواها سالم عن أبيهِ (300) حديثاً, فحينَما جردنا مسند "عبد الله بن عمر" عرفنا أن المكثرينَ عنه ثلاثة: نافع فقد روى عنه قرابة (1000) حديث, ثم سالم (300) حديث, ثم عبد الله بن دينار (142) حديثا, وهذه نكتة نفسية في باب العلل والغرائب وهيَ أنه / إذا تفرد راو غير مكثر عن راو له أصحاب مشهورون جدا؛ هنا نقول كيف يتفرد؟ أين أصحاب هذا المكثر؟ كالزهري.
* من الكتب التي أنصح طلاب العلم طلاب الحديث لمن يريد أن يتقن منهج أئمة الحديث المتقدمين قراءة كتاب "شرح علل الترمذي لابن رجب" فهو غاية في الروعة بتحقيق طبعة نور الدين عتر فهي أفضل التحقيقاتِ, ثم تحقيق الدكتور همام سعيد، ثم تحقيق السامرائي ولا أنصح بها فهي كثيرة التصحيفات والأخطاء.
ثالثها: أن المزي رحمه الله ليس جمّاعا فقط إنما هو يجمع ويزيد كذلك من عنده بعض الفوائد في باب العلل والحكم على الرجال وفي اختلاف النسخ, فمثلاً:
سنن أبي داود لها روايات مختلفة جدا، رواية ابن داسة، رواية اللؤلؤي، رواية ابن عبد, ومعلوم أن المزي بنى كتابه التحفى على كتاب " الإمام ابن عساكر " فابن عساكر ذكر رواية اللؤلؤي فقط, لكن المزي ذكر بقية روايات الكتابِ, وكذلك: رواية محمد بن معاوية المعروف بابن الأحمر لسنن النسائي الكبرى فقط – وهيَ من أشهر الروايات وابن الأحمر أول من أدخل كتاب النسائي للأندلس-, لكن المزي ذكر بقية الروايات مما جعله كثيرا ما يستدرك على ابن عساكر.
رابعها: قول المزي –رحمه الله- عمرو بن دينار فقال: هو البصري قهرمان الزبير الضعيف, حتى لا يختلطَ علينا بالثقة المشهورِ, وهذه مسألة مهمةٌ " تمييز الرواة" فإن من أعجب ما مر عليّ أن مرة الذهبي -رحمه الله- ذكر ابن حميد؛ محمد بن حميد الرازي وهو من المشهورين، من رواد الحديث توفي سنة (248) فأتى المعلِّق المحقق وقال: هذا ابن حميد هو عبد الله بن حميد من أئمة الحنابلة صاحب كتاب (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة) المتوفي (1280)!! وهذه غفلة شديدة فمعناه أن هذا الرواي ماتَ بعد الذهبي بمئاتِ السنين, وحدث ولا حرج من الخبط والخلط.
الفائدة الثانية: (ضعف حديث السوق) أكثر أئمة الحديث المتقدمون أجمعوا على ضعف هذا الحديث، فممّن ضعفه الإمام البخاري والفلَّاس والترمذي والنسائي وأبو حاتم والدارقطني, حتى إن إمام العلل في زمانه يعقوب بن شيبة السدوسي قال: هو حديث ليس بصحيح الإسناد ولا له مخرج يرضاه أهل العلم. كانه يحكي الإجماعَ على ضعفه, وأفرد بعض المعاصرين جزءا في تضعيفه.
ويحسنُ في هذا الحديثِ أن نستفيدَ فوائد منهجية يحسن لطالبِ الحديثِ التفطّن لها:
أولاها / "بيان الفرق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين" فمن الفروق: تساهل بعض المعاصرين في التقوية بكثرة الطرق. وقد تكون هذه الشواهد والمتابعات لا يُعتمد عليه في هذا الباب, ومن ذلك حديث السوق؛ فجميع الشواهد والمتابعات في حديث السوق لا يصح أن يُعتدّ بها.
ثانيها / عدم التفطن لعلل الأحاديث, وذلك أن في الحديث علة دقيقة نبه إليها الإمام يعقوب بن شيبة السدوسي وهيَ أن " أبا خالد الأحمر لم يسمع من المهاصر بن حبيب " ولم ينتبه لهذه العلةِ محقق كتاب "فضل التهليل لابن البنّا ".
ثالثها / جلالة كلام المتقدمين على الأحاديث ودقة نظرهم , بل أقول إنه لا يجوز أن يتولى الحكم على الأحاديث من لا يتقن علم علل الأحاديث.
الفائدة الثالثة: (الكتاب الثاني من كتب الأطراف) هو "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة" للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني؛ المولود سنة (773) المتوفي سنة (852)، نوجز الكلام على كتاب إتحاف المهرة بالنقاط التالية:
إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة
للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 – 852)
موضوع الكتاب: جمع طرق الحديث على قواعد فن الأطراف لكتب معينة، وهذه عشرة كتب، وهي:
1 – موطأ الإمام مالك بن أنس. 2 – مسند الإمام الشافعي.
3 – مسند الإمام أحمد بن حنبل. 4 – سنن الدارمي.
5 – المنتقى لابن الجارود. 6 – صحيح ابن خزيمة.
7 – مستخرج أبي عَوانة. 8 – شرح معاني الآثار للطحاوي
9 – صحيح ابن حبان. 10– سنن الدارقطني.
11 – مستدرك الحاكم.
¥