ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[11 - 03 - 06, 01:05 م]ـ
قواعد
وضوابط
وتنبيهات
في التدليس
(1) ضرورة التثبت في قبول وصف الراوي بالتدليس
إذا وصف الراوي بالتدليس فلا بد لاعتماد ذلك الوصف من تحقق صحة ذلك الوصف، فالوهم قد يقع في وصف الرواة بالتدليس من قبل النقاد الواصفين أو من قبل الرواة الناقلين لذلك الوصف أو من قبل النساخ والطابعين للكتب التي يرد فيها الوصف؛ نظير ما يقع في باب التجريح والتعديل.
(2) ضرورة تعيين نوع التدليس المدعى على الراوي
الأصل في إطلاق لفظة التدليس أن يراد بها تدليس الإسناد؛ ولكن قد يراد بها غيره من أنواع التدليس؛ ولذلك ينبغي تحقق المراد؛ ويتم ذلك بجمع أقوالهم المتعلقة بتدليس ذلك الراوي وملاحظة المصطلحات والقرائن والتطبيق على الأصول والقواعد.
وأخشى أن يكون ابن سعد أحد النقاد الذين يطلقون وصف الراوي بالتدليس ويريدون به تدليس الأسماء، وما أنفع أن يدرس منهجه في وصف الرواة بالتدليس.
(3)
التدليس ليس جرحاً في فاعله
قال العلامة المعلمي في (الأنوار الكاشفة) (ص161 - 162) في بيان هذه المسألة:
(وذكر [أبو رية] ص165 ما حكي عن شعبة في ذم التدليس وقال: (ومن الحفاظ من جرح من عرف بهذا التدليس من الرواة، فرد روايته مطلقاً وإن أتى بلفظ الاتصال).
أقول: بعد أن استحكم العرف الذي مر بيانه نشأ أفراد لا يلتزمونه، وهم ضربان:
الضرب الأول: من بين عدم التزامه فصار معروفاً عند أصحابه والآخذين عنه أنه إذا قال: (قال فلان 000) ونحو ذلك وسمى بعض شيوخه احتمل أن يكون سمع الخبر من ذاك الشيخ واحتمل أن يكون سمعه من غيره عنه. فهؤلاء هم المدلسون الثقات. وكان الغالب أنه إذا دلس أحدهم خبراً مرة أسنده على وجهه أخرى. وإذا دلس فسئل بيّن الواقع.
والضرب الثاني من لم يبين بل يتظاهر بالالتزام ومع ذلك يدلس عمداً.
وتدليس هذا الضرب الثاني حاصله إفهام السامع خلاف الواقع، فإن كان المدلس مع ذلك متظاهراً بالثقة كان ذلك حملاً للسامع ومن يأخذ عنه على التدين بذاك الخبر عملاً وإفتاءً وقضاءً.
فأما تدليس الضرب الأول فغايته أن يكون الخبر عند السامع محتملاً للاتصال وعدمه، وما يقال إن فيه إيهام الاتصال إنما هو بالنظر إلى العرف الغالب بين المحدثين، فأما بالنظر إلى عرف المدلس نفسه فما ثم إلا الاحتمال.
فالضرب الثاني هو اللائق بكلمات شعبة ونحوها وبالجرح وإن صرح بالسماع.
فأما الضرب الأول فقد عد منهم ابراهيم النخعي واسماعيل بن أبي خالد وحبيب بن أبي ثابت والحسن البصري والحكم بن عتبة وحميد الطويل وخالد بن معدان وسعيد بن أبي عروبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وسليمان التيمي والأعمش وابن جريج وعبد الملك بن عمير وأبو اسحاق السبيعي وقتادة وابن شهاب والمغيرة بن مقسم وهشيم بن بشير ويحيى بن أبي كثير ويونس بن عبيد؛ وهؤلاء كلهم ثقات أثبات أمناء مأمونون عند شعبة وغيره متفق على توثيقهم والاحتجاج بما صرحوا فيه بالسماع. قال ابن القطان: (إذا صرح المدلس الثقة بالسماع قبل بلا خلاف، وإن عنعن ففيه الخلاف [فتح المغيث للسخاوي ص77]).
فأما الصحابة رضي الله عنهم فلا مدخل لهم في التدليس كما تقدم.
(4) فعلُ الراوي نوعاً من أنواع التدليس
لا يلزم منه أن يفعل سائر أنواعه
وهذه المسألة واضحة، وقد نسب النقاد طائفة من الرواة إلى كل نوع من أنواع التدليس، ولم يقع بين تلك الطوائف من الاشتراك إلا القليل.
"
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:32 م]ـ
اكمل يا شيخ محمد خلف سلامه
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[12 - 03 - 06, 05:21 م]ـ
(5)
الأصل في الرواة الثقات البراءة من صفة التدليس
إن الأصل في الرواة الثقات السلامة من التدليس؛ فمن وصفه العلماءُ، بالتدليس، فهو المدلِّس، ومن لا فلا؛ وبعبارة أخرى، فإنه لا معنى لأن يُشترَط لنفي التدليس عن الراوي الذي لم يوصَف به، أن يَنصَّ على انتفائه عنه علماءُ العلل وأئمة الحديث.
(6)
حكم من نص على تدليسه بعض النقاد وسكت عنه آخرونقد يردُّ بعضُ العلماء أو الباحثين وصفَ الناقد للراوي بالتدليس بأن النقاد الآخرين الذين بينوا حاله أطلقوا توثيقه ولم يذكروا تدليساً.
وهذا الرد أو التعقب فيه نظر؛ فإن من علم حجة على من لم يعلم؛ وإطلاق التوثيق من قِبل ناقد مع سكوته عن ذكر التدليس لا ينافي إثبات التدليس من قِبل ناقد آخر.
¥