تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فذهب الحاكم إلى شذوذ هذا الحديث، لكونه لا يعرف من حديث أنس، ولم يروه أصحاب أنس ? الحفاظ، وإنما تفرد به محمد بن عبد الله عن أبيه، وعبد الله قد تكلم فيه الحفاظ ().

ولا يعني إخراج البخاري لهذا الحديث أن الحاكم قد حكم عليه بالشذوذ ومع ذلك يرى صحته، إنما هو ذهاب منه إلى تضعيف الحديث، حيث عبر صراحة بقوله: «وليس له أصل عن أنس ?، ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر»، ومؤدى عبارة: (ليس له أصل) تضعيف الرواية والتشكيك فيها ().

وهذا الذي ذهب إليه الحاكم من تضعيف حديث عبد الله الأنصاري - مع رواية البخاري له - اجتهاد منه خالف فيه البخاريَّ فلم يرَ صحته، وليس هذا رأي الحاكم فقط بل وافقه بعض الحفاظ ()، حتى إن الترمذي عندما روى الحديث لم يحكم عليه بالصحة وإنما قال: «حديث حسن غريب».الأحاديث الشاذة في مستدرك الحاكم:

وقد قمت باستقراء ما أطلق عليه الحاكم في مستدركه أنه شاذ، فوجدته قد استخدم هذا المصطلح سبع مرات فقط، وقد قمت بدراستها لأتبين معنى الشذوذ عند الحاكم بشكل دقيق، وهذه المواضع هي:

? الموضع الأول: قال بعد أخرج حديثاً عن أبي هريرة ?: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري .... ولعل متوهماً يتوهم أن هذا متن شاذ، فلينظر في الكتابين ليجد من المتون الشاذة التي ليس لها إلا إسناد واحد ما يتعجب منه ثم ليقس هذا عليها».

فالحاكم هنا يصحح المتن وينفي عنه الشذوذ، وكأن هذا تصريح منه بأن التفرد ليس سبباً للحكم بالشذوذ، وإلا كانت كثير من المتون في الصحيحين شاذة، وليس الأمر كذلك، فهذا نفي من الحاكم أن تكون أفراد الصحيحين شاذة، وليس إثباتاً لشذوذها.

? الموضع الثاني: حديث أبي هريرة ? عن النبي ?: «ثلاثة يهلكون عند الحساب جواد وشجاع وعالم».

قال: «هذا حديث صحيح الإسناد على شرطهما، وهو غريب شاذ، إلا أنه مختصر من الحديث الأول، شاهد له».

فهذا المتن لا يعرف من حديث أبي هريرة ? إلا بهذا الطريق، وهو غريب عنه، لا يعرفه الحفاظ، إنما يعرف الحفاظ حديث أبي هريرة ? الطويل في الثلاثة الذين أول ما توقد النار عليهم، وقد رواه الحاكم قبل هذا.

أما هذا الحديث وإن رُويَ بسند ظاهره الصحة إلا أنه غريب، وغير محفوظ، وقد عد الحاكم هذا الحديث شاذاً لكونه ليس له أصل عن أبي هريرة ?، وهو على شذوذه كأنه اختصارٌ للحديث الأول، شاهد له. ولو عده صحيحاً لم جعله شاهداً للأول بل صححه بنفسه.

? الموضع الثالث: قال الحاكم: «وقد صحت الرواية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر {: «أنه كان لا يوقِّتُ في المسح على الخفين وقتاً». وقد روي هذا الحديث عن أنس بن مالك ? عن رسول الله ? بإسناد صحيح، رواته عن آخرهم ثقات، إلا أنه شاذ بمرة.

حدثناه أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي، ثنا المقدام بن داود، عن تليد الرعيني، ثنا عبد الغفار بن داود الحراني، ثنا حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن أبي بكر، وثابت، عن أنس ? أن رسول الله ?: «قال إذا توضأَ أحدُكم ولبسَ خفيه فليصلِّ فيهما، وليمسحْ عليهما، ثم لا يخلعْهما إن شاءَ إلا من جنابة» ().

هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وعبد الغفار بن داود ثقة، غير أنه ليس عند أهل البصرة عن حماد».

إن الحاكم هنا لا يحكم بصحة الحديث مطلقاً كما اعتمد ذلك بعض من نقل عنه ()، إنما يشير إلى أن ظاهر السند الصحة، لكن الحديث شاذ، أي ليس له أصل، وغير محفوظ عند المحدثين، ويقع في قلب المحدث رده، لكن لم يطلع على علته ().

ومما يرجح رده؛ أن أحداً من أهل البصرة لم يروه عن حماد بن سلمة، وحماد بصري، وحديثه محفوظ مشهور في بلده، وإنما تفرد به عبد الغفار بن داود عن حماد، وعبد الغفار ثقة، وهو حراني وليس بصرياً، فكون التفرد وقع عن حماد، وهو إمام مشهور الحديث، ثم هذا التفرد وقع عنه من راوٍ لم يكثر عنه، ومن خارج بلده، كل هذا أشعر بأن في الحديث خللاً.

وقد أخرج الدراقطني () من حديث أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن زبيد بن الصلت، عن عمر ? موقوفاً، ثم قال – أي أسد بن موسى -: «وحدثنا حماد بن سلمة، عن عبيد بن أبي بكر، وثابت، عن أنس ?، عن النبي ? مثله». ثم نقل الدارقطني عن ابن صاعد قوله: «وما علمت أحداً جاء به إلا أسد بن موسى».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير