وكأن هذا إقرار من الدارقطني أن أسد بن موسى هو الذي تفرد به، ولا يعرف عن غيره، ثم رواه من طريق مقدام بن داود، عن عبد الغفار، عن حماد بن سلمة بسند آخر ولم يعلق عليه، فهو إشارة إلى تعليله أو أنه من الغرائب.
وهذا الحديث لم يتفرد به عبد الغفار فقط، كما قد يفهم من كلام الحاكم؛ وإنما تفرد به مقدام بن داود عن عبد الغفار بن داود، ومقدام هذا متكلم فيه ()، قد ضعف، ولم يخرج له أحد من الستة، فلا أدري كيف جعل الحاكم هذا السند على شرط مسلم .. !!!
بل إن مقداداً هذا قد طعن فيه الذهبي في تعليقه على المستدرك نفسه، حيث أخرج له الحاكم حديثاً كشاهد لحديث قبله ()، فعلق عليه الذهبي: «لم يتكلم عليه الحاكم، وهو موضوع على سند الصحيحين، ومقدام متكلم فيه، والآفة منه».
قال سبط ابن العجمي (): «فقوله – أي الذهبي -: (والآفة منه)؛ يحتمل أنه وضعه، والله أعلم».
ومقدام ممن يروي عن أسد بن موسى، فلعل الوهم منه، أي إنه قلب حديث أسد الذي تفرد به، فجعله من حديث عبد الغفار، والله أعلم.
فبان بذلك أن الحديث لا أصل له من حديث عبد الغفار عن حماد، إنما هو حديث أسد بن موسى عن حماد.
? الموضع الرابع: رواه الحاكم () عن علي بن محمد بن عقبة، عن محمد بن الحسين، عن الفضل بن دُكين، عن جعفر بن بَرقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر {قال: «سئل النبي ? عن الصلاة في السفينة فقال: كيف أصلي في السفينة؟ قال: صلِّ فيها قائماً إلا أن تخاف الغرق».
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، على شرط مسلم ولم يخرجاه، وهو شاذ بمرة».
هذا الحديث أخرجه البزار والدارقطني () من طريق إبراهيم بن محمد التيمي، عن عبد الله بن داود، عن شيخ من ثَقيف، عن جعفر بن بَرقان، عن ميمون بن مهران عن ابن عمر {عن جعفر ?: «أن النبي ? أمره أن يصلي في السفينة قائماً ما لم يخش الغرق».
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن جعفر بن أبي طالب ? إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلم هذا الكلام يروى عن النبي ? متصلاً من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ولا نعلم له إسناداً إلا هذا الإسناد، ولا نعلم أحداً سمَّى الشيخ الذي روى عنه عبد الله بن داود».
فكأن الحديث إنما يعرف عند الحفاظ عن عبد الله بن داود، عن رجل، عن جعفر بن بَرقان، وفيه رجل مجهول لم يسمى، ولو كان صحيحاً من رواية أبي نعيم عن جعفر لعرف ذلك واشتهر، ومع ذلك فظاهر السند الصحة، ولذا حسنه البيهقي.
? الموضع الخامس: روى الحاكم () عن محمد بن محمد بن يوسف، عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن الربيع بن نافع الحلبي، عن الهيثم بن حميد، عن أبي معيد حفص بن غيلان، عن طاوس، عن أبي موسى الأشعري ? حديثاً في فضل الجمعة ()، ثم قال:
«هذا حديث شاذ صحيح الإسناد، فإن أبا معيد من ثقات الشاميين الذين يجمع حديثهم، والهيثم بن حميد من أعيان أهل الشام، غير أن الشيخان لم يخرجاه عنهما».
? الموضع السادس: روى الحاكم () من حديث إسحاق بن بشر، عن محمد بن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن جُمَيع بنِ عمير الليثي قال: «أتيت عبد الله بن عمر {فسألته عن علي ? فانتهرني ثم قال ..... ».
قال الحاكم: «هذا حديث شاذ، والحمل فيه على جميع بن عمير، وبعده على إسحاق بن بشر».
واضح تماماً من استخدام الحاكم هنا للشاذ أنه يقصد تضعيفه ورده، وأنه لا أصل له يصح، والمتهم فيه جميع بن عمير ()، وإسحاق بن بشر ()، وكلاهما ضعيفان، فأطلق الشاذ هنا على ما تفرد به الضعيف.
? الموضع السابع: روى الحاكم (): من حديث محمد بن حيويه، عن إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، عن عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، عن مِيناء بن أبي مِيناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل سمعت رسول الله ? يقول: «أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنة» ().
قال الحاكم: «هذا متن شاذ، وإن كان كذلك فإن إسحاق الدَّبَري صدوق، وعبد الرزاق، وأبوه، وجده ثقات، ومِيناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قد أدرك النبي ? وسمع منه، والله أعلم».
¥