ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:08 ص]ـ
المرَّة الأولى: حيث قدَّموا له كتف شاةٍ مسمومةٍ، وهذا الحديث في الصَّحيحين.
والمرَّة الأخرى: حين ذهب إلى بني النَّضير يستعينهم في ديَّة القتلين، كان بين أهلهما وبين بني النَّضير عقد وحلفٌ، فقال اليهود للنَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - نعم أبا القاسم نعينك على ما أحببت ممّا استعنت بنا عليه، اجلس حتّى تُطعم وترجع بحاجتك، فجلس إلى ظلِّ جدارٍ من جُدُر دورهم، فخلا بعضهم إلى بعض وقالوا: إنَّكم لن تجدوا الرَّجل على مثل حاله هذه، فأيُّ رجلٍ يعلو على هذا البيت فيُلقي عليه صخرةً فيُريحنا منه، فانتدب لذلك عمرو بن جِحاشٍ بن كعب أحدهم، فقال: أنا لذلك، فصعد ليُلقي عليه صخرةً ورسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في نفرٍ من أصحابه فيهم أبو بكر، وعلي - رضي الله عنه - فأتاه الخبر من السَّماء بما أراد القوم، فقام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - راجعاً إلى المدينة.
فتاريخ اليهود ملطخٌ بدماء من قتلوا من الأنبياء والصَّالحين، ومن نجا من قتلهم لم ينج من تكذيبهم وإذايتهم، فكيف يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد؟ هذا غير معقولٍ).
هذا نصُّ كلام الشَّيخ الغُماري بحروفه وهذه حججه في ردِّ هذا الحديث لتعارضه مع القرآن كما قال.
ولو سلَّمت للشَّيخ ما قاله عن تعارض الحديث مع القرآن - ولا أُسلِّم - فإنَّ الحديث وصل إلى درجة التَّواتر كما أشار إلى ذلك الكتَّاني (1)،وهو المفهوم من صنيع الألباني (2) في تخريجه للحديث، ثمَّ إنَّ دلالة الحديث صريحةٌ ظاهرةٌ، وتلك الآيات الّتي أتى بها على مسألتنا دلالتها مُستنبطةٌ مؤوَّلةٌ، وقواعد الجمع والتَّرجيح تقضي بتقديم الواضح الصَّريج على المستنبط المؤوَّل.
أمَّا عن الحجج الثَّلاث التي أوردها فإنَّها جميعاً تردُّ إلى أمرٍ واحدٍ، وهو أنَّ اليهود بما هم عليه من اعتقاداتٍ فاسدةٍ تنسب إلى الله النَّقص والأمور التي لا تليق، ويؤذون الأنبياء ويقتلونهم فمن غير المعقول أن يبنوا المساجد على قبور الأنبياء.!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) نظم المتناثر: 130 - 131.
(2) انظر كتابه:" تحذير الساجد من إتخاذ القبور مساجد " حيث جمع طرق الحديث
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:10 ص]ـ
سأكمل لاحقاً نظراً لحصول خلل عندي في الجهاز.
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:19 ص]ـ
وسأنطلق من ردِّي على كلامه بتساؤلٍ، وهو: هل بناء المساجد على القبور محمدةٌ يُحمد عليها اليهود، كي نقول إنها تتعارض مع أفعالهم هذه واعتقاداتهم؟ وظنِّي أنَّ الشَّيخ قد انطلق من مقدِّمتين إحداهما خطأٌ، حتّى وصل إلى هذه النَّتيجة، والمقدمتان هما: 1 - بناء المساجد على القبور عملٌ جليلٌ يقوم به النَّاس. 2 - اليهود قتلة الأنبياء لا يقومون بأعمالٍ جليلة. إذا فاليهود لا يقومون ببناء المساجد على القبور.
ثمَّ إنَّ طبيعة اليهود تنطوي على قدرٍ كبيرٍ من التَّناقض، وقد بيَّن القرآن الكريم شيئاً من ذلك فحكى عن انقلابهم السَّريع من التَّوحيد الذي اعتنقوه عن استدلالٍ واقتناعٍ إلى الوثنيَّة والكفر وهو ما صوَّره القرآن أحيانا بسردٍ وتطويلٍ، وأحيانا بإيجازٍ فقال تعالى: {وَجَاوَزْنَا ببني إسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتَوا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إلهاً كَمَا لَهُمْ آلهةٌ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} (1)، بالإضافة إلى ما حكاه القرآن عن أخلاقهم المتناقضة فقال تعالى: {لُعِنَ الّذِيْنَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيْسَى بنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ ِبَما عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون? كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (2)،وقد وضح النَّبِّي - صلّى الله عليه وسلّم - هذا الخلق فقال (3):" إنَّ أوّل ما دخل النَّقص على بني إسرائيل كان الرَّجل يَلقى الرَّجل فيقول: يا هذا اتق الله ودَعْ ما تصنع فإنَّه لا يحل لك، ثمَّ يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلمَّا فعلوا ذلك ضرب الله قلوبَ بعضِهم ببعض " ثم قال: {لُعِنَ الّذِيْنَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيْسَى بنِ مَرْيَم} إلى قوله فاسقون.
ومن تناقضهم الشَّديد كذلك ما أضافوه لله عزَّوجل من صفاتِ نقصٍ كما ذكر ذلك الشَّيخ من قوله تعالى على لِسانهم {إنَّ اللهَ فَقِيْرٌ وَنَحْنُ أغْنِيَاء} وقالوا: {يَدُ الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأعراف: 138.
(2) سورة المائده: 77 - 79.
(3) أخرجه أبو داود،الملاحم /الأمر والنهي: 4/ 121 - 122رقم (4336 من حديث ابن مسعود، كما أخرجه كذلك التِّرْمذيِ، تفسير القرآن/6من سورة المائدة:5/ 252 رقم (3047)، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وروي الحديث مرسلاً عن أبي عُبيدة الرَّاوي عن ابن مسعود وأخرجه كذلك التِّرْمِذي: 5/ 252 - 253رقم
(3048)، وابن ماجه، الفتن / 20 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: 2/ 1327 - 1328.رقم (4006).
¥