تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من أخطر العيوب المنهجية في البحث العلمي، أن يتوصل الباحث إلى نتائج محددة عامة تكون مبنية على معلومات مستقاة من مصادر غير متخصصة في موضوع بحثه.

وهذا ما وقع فيه " شاخت " فقد توصل لنتائجه في السنة النبوية، معتمداً في ذلك على مصادر فقهية، وليست حديثيه، بل أكثر من ذلك أنني لم أجد في مصادره أي كتاب في علم مصطلح الحديث، أو الجرح والتعديل، أو العلل، أو التخريج، ومن يتجاهل هذه المصادر الأصلية في علم الحديث، كيف يمكن لنا بمقاييس المنهج العلمي أن نثق بنتائجه.

ولإيضاح أهمية استيعاب المصادر الأصلية المتخصصة في البحث العلمي عند أساتذة المنهجية، ننقل بعض المقتطفات من كلامهم حول ذلك، ومنها هذا النص لشارل فيكتور لانجلوا - مؤلف أحد أهم كتب منهج البحث في علم التاريخ المعتمدة في الجامعات الغربية - الذي يقول فيه: ((إذا تراءى لي أن أعالج نقطة تاريخية، أياً كانت، فإني أتلمس الموضع أو المواضع التي ترقد فيها الوثائق الضرورية لمعالجتها ... ومن البين أن هذا العمل إذا لم يزاول مزاولة سليمة، أعني أنه إذا لم يعرف المرء قبل البدء في عمل تاريخي، كيف يحيط نفسه بكل المعلومات الميسرة له، فإنه يزيد بسهولة من مزالق خطر العمل على أساس وثائق غير كافية وهي مزالق وفيرة العدد مهما بذل من جهد.

وكم من عمل من أعمال التاريخ عولج وفقاً لقواعد أدق المناهج قد أفسده، بل قضى عليه قضاء مبرماً، أمرٌ مادي بسيط هو أن المؤلف لم يقف على وثائق كان من شأنها أن توضح تلك التي كانت في متناول يده - واقتصر عليها-، وأن تكملها أو تنقضها)) (1).


(1) المدخل إلى الدراسات التاريخية، مطبوع ضمن كتاب النقد التاريخي (ص 5 - 6) والكتاب اشترك في تأليفه لانجلوا وزميله سينوبوس، والفصل الأول إلى السادس من كتابة لا نجلوا.

ويقول الدكتور أحمد شلبي: ((ومن أهم ما يجب أن يلاحظ في المراجع تخصصها في النقطة التي يُبحث فيها، فإذا كان البحث مثلاً في التاريخ فمراجعه الأصلية العامة هي كتب التاريخ)) (1).
ويؤكد الدكتور صالح العساف أن معيار العلمية في مناهج البحث التي تدرس الظاهرة الإنسانية كما أشار كثير من علماء المنهجية هي: الدقة، إبراز الأدلة، واتباع المنهج العلمي بخطواته المختلفة، ومنها: ((جمع المعلومات عن المشكلة، متوخياً في ذلك البحث عن أصدق المصادر تأليفاً ومحتوى)) (2).
ويتفق أساتذة المنهجية، على أن من أهم واجبات الباحث، إن لم يكن من أولها، أن يحيط إحاطة تامة بمصادر بحثه الأصلية التي تكون شديدة الصلة به، ويؤكدون أن الاعتماد على مصادر ثانوية أو غير متخصصة يضر بالبحث ونتائجه (3).
إن آراء " شاخت " وأحكامه القطعية التي صرح بها حول السنة النبوية، لم يُراع فيها هذا الأصل المهم من أصول المنهجية في البحث العلمي.
وفي ذلك يقول الدكتور الأعظمي: ((لقد كان لسوء اختيار المستشرقين مواد دراسة الأسانيد أكبر الأثر في وقوعهم في أخطار جسيمة، نجمت عن سوء ذلك الاختيار في انتقاء المواد لهذه الدراسة ... وبالتالي وصلوا إلى نتائج خاطئة؛ لاختيارهم مواد غير مناسبة للبحث والتنقيب عما يريدون.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير