تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن طبيعة كتابات " شاخت " المتعلقة بالسنة النبوية تنتمي إلى نوعية البحوث التاريخية بحسب المقاييس الغربية، كما أن النص الذي نقلناه آنفاً هو لمؤرخ فرنسي توفي سنة 1929م، وقد صدر كتابه الذي نقلنا منه في سنة 1898م (2)، وهو معتمد على مراجع ألمانية منها كتاب " متن في المنهج التاريخي " لأرنست مانهايم، فلذلك أستبعد أن يكون " شاخت " - الذي هو من أصل ألماني ويكتب باللغة الفرنسية كما ورد معنا في ترجمته -، لم يطلع على القواعد المذكورة آنفاً في أحد المراجع، إلا أن يكون كتب بحوثه التاريخية من دون أن يتعلم منهج البحث التاريخي!.


(1) المدخل إلى الدراسات التاريخية (ص 114 - 116).
(2) انظر مقدمة عبدالرحمن بدوي لهذا الكتاب في " النقد التاريخي " (ص 9).

لقد خالف " شاخت " تلك القواعد في عدد من كتاباته، ومن ذلك مثلاً أنه فسر كلمة " الفتنة " التي وردت في كلام ابن سيرين الذي يقول فيه: ((لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت " الفتنة "، قالوا: سمُّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم)) (1)، بقوله: ((الفتنة التي بدأت بمقتل الوليد بن يزيد " ت 126 ه "، على مقربة من نهاية الدولة الأموية، كان تاريخاً مصطلحاً عليه، لاعتباره نهاية الأيام الجميلة القديمة ... وبما أن تاريخ وفاة ابن سيرين هو 110 ه، لذلك لا بد أن نعد نسبة هذا الكلام إلى ابن سيرين غير صحيحة، والأثر موضوع. وعلى كل فليس هناك ما يدعو إلى أن نقبل أن بداية الإسناد تسبق في وجودها بداية القرن الثاني الهجري)) (2).
وبناء على مقتضى القواعد التي تقدم ذكرها في منهجية الفهم من النصوص التاريخية، سنرى أن تفسير " شاخت " متعسف جداً لما يلي:
1 - من المعلوم أن ابن سيرين ولد عام 33 ه، وتوفي عام 110 ه، وله من العمر 77 سنة (3)، فالزعم أن معنى الفتنة يقصد بها مقتل الوليد بن يزيد سنة 126 ه، مصادم لتاريخ وفاة ابن سيرين.
2 - بالنظر في مصطلح الفتنة عند ابن سيرين وجدناه يطلقها على ما جرى بين صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتال بسبب مقتل عثمان رضي الله عنه، ففي نص صحيح السند عن ابن سيرين نفسه يقول فيه: ((هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف، فما خف لها منهم مائة)) (4).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير