تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم يذكر بضعة نصوص عن الإمام الشافعي يخالف فيها أتباع الإمام مالك، ويضيف إليها نصين استعمل فيهما الإمام مالك الاحتجاج بفهم بعض الصحابة، فيقفز " شاخت " فجأة إلى التعميم فيقرر بكل طمأنينة: ((وإجمالاً يمكننا القول بأن أهل المدينة يفضلون أقوال الصحابة على الأحاديث النبوية)) (1).

وأما ما يتعلق بالمدرسة الفقهية في العراق، فيقول: " شاخت ": ((إن رأي العراقيين في حجية الحديث النبوي قد تدنّت بلا ريب، إلى مرتبة أدنى بفعل الأهمية التي أعطاها العراقيون لأقوال الصحابة نظرياً وعملياً، ونحن نرى بوضوح التعبير عن هذا المبدأ في مواضع عديدة، ومن ذلك ما جاء في كتاب "اختلاف العراقيين" (الأم 7/ 110): " وهم يزعمون أنهم لا يخالفون الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - "، ومن ذلك أيضاً (7/ 135): " وقد زعم الذي قال فيه قيمة - يعني أبا حنيفة - أنه لا يخالف واحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ويخاطب الشافعي محمد بن الحسن الشيباني قائلاً (7/ 286): " وأصل ما تذهبون إليه ألا تخالفوا الواحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يعلم أن أحداً من الصحابة خالف في ذلك ")) (2).

ثم يصل " شاخت " بناء على النصوص الثلاثة السابقة المنقولة من حوارات الإمام الشافعي مع مخالفيه؛ ليقرر لنا هذا التعميم الآتي: ((فليس من الغريب إذن أن تُقدّم أقوال الصحابة على أحاديث النبي، وأن يذكر كلاهما في مستوى واحد من الحجية، وأن تفسّر أحاديث النبي بأقوال الصحابة)) (3).


(1) السابق (ص 675).
(2) السابق (ص 680 - 681).
(3) السابق (ص 681).

وهذا العيب المنهجي لاحظه بصورة جلية الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، فقال موضحاً لهذا الخلل في كتابات هذا المستشرق: ((أما البروفسور " شاخت " فله منهج لا يمت إلى ميدان العلم بصلة. ففي بحثه عن موقف تلك المدارس الفقهية من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل كلام أصحاب تلك المدارس بأنهم ملزمون بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يقبل كلام خصوم تلك المدارس الفقهية بحيث إنهم ينقلون اتفاق أصحاب تلك المدارس على هيمنة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كما أنه يتجاهل 99? من القضايا التي تدل على أخذهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ويأخذ اعتراضات الخصوم بأن صاحب مدرسة ما خالف السنة النبوية في المسألة الفلانية، فيأخذ هذه الجزئية الضئيلة التي لا تمثل 1?، وهي اعتراض من قبل الخصوم ثم يعمم النتيجة، فيحولها إلى مائة في المائة.
ومن ناحية أخرى يلتقط " شاخت " بعض الأمثلة - ولتكن صحيحة ودالة على مطلبه - من مالك، ثم يعمم تلك النتيجة على المدنيين كافة، وكأنه لم يكن في المدينة غير مالك، وكأنه لم يكن هناك اختلاف بين علماء المدينة في مسألة ما.
وفي قضية العراق المسألة أغرب، إذ يأخذ بعض الأمثلة من مدرسة الأحناف، ثم لا يعمم على الكوفة فقط، بل يعمم على العراق بأكملها، وهكذا يفعل مع الأوزاعي)) (1).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير