تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

له أيضًا موقف مهم جدًّا في قضية الغِيبة، ما أعرف أني اغتبت رجلًا منذ عرفت أَنَّ الغيبة حرام، يعني من يوم أن بلغ، من يوم أن أصبح مكلفًا ما اغتاب أحدًا، وله تفسير في هذا الجانب عجيب: في يوم من الأيام كان أحد شيوخه يُحدث، والإنسان في بعض الأحيان قد يقول معلومة جيدة أو كذا فيفرح المتكلِّم أنه أفاد السامعين بهذه الفائدة، فابتسم هذا الشيخ وهو يُحدث فرحًا وإعجابًا بالفائدة التي أفاد بها الطلاب، يقول البخاري: فابتسمت لابتسامة الشيخ، يعني: عرفتُ أنه فرح على الفائدة التي أفادنا إياها، فخشي أن تكون هذه الابتسامة غيبة، فبعد أَنْ انتهى الدرس ذهب للشيخ يَتَحَلَّلُهُ ويطلب من الشيخ أن يعفو عنه، يقول: وقع مني كذا؛ ابتسمتَ، فابتسمتُ لابتسامتكَ ووقع في قلبي كذا وكذا. فقال: اذهب رحمك الله فأنت في حِلٍّ. ما في أعظم من هذا الورع، يعني إلى هذا الحد، مجرد ابتسامة خشي أن تُحسب عليه غيبة عند الله عز وجل، فرأى أن يعتذر وأن يتحلل قبل أن يُقتص منه يوم القيامة.

الكلام في أبي عبد الله البخاري طويل جدًّا، لكن طبعًا حصلت له ابتلاءات في حياته، وهذه سُنة الله عز وجل في أهل الصلاح، وأهل العلم، لا بد أن يقع لهم ابتلاء؛ إما أن يُبْتَلَوْا بالنِّعم ويمتحنهم الله عز وجل ليرى هل يشكروها حق شكرها ويقوموا بها؟ أو يُبتلوا بالبلايا والضُّر ليرى الله عز وجل صبرهم واحتمالهم واحتسابهم، وليُكَفِّر عنهم سيئاتهم وليرفع درجاتهم عنده سبحانه وتعالى.

ابتُلِيَ الإمام البخاري بأكثر من فتنة وأكثر من ابتلاء، وصبر واحتسب وضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب، وأشد هذه الابتلاءات اتهامه بالبدعة وهو الذي كان إمامًا من أئمة السنة ينصر السنة ويدافع عنها، ولا شك أن هذا الاتهام كان باطلًا، وقد عَرَف ذلك كثير من معاصريه ممن كان يتهمه، وأعلنوا توبتهم واعتذارهم في حياته وبعد وفاته أعلنوا توبتهم لله عز وجل مما قالوه في حقه.

تُوفِيَّ هذا الإمام في سَنة سِتَّة وخمسين ومائتين من الهجرة.

وقد ترك مؤلفات كثيرة جدًّا في السنة وعلومها، من أشهرها كتابه:

" الصحيح " الذي سيكون مَحَطَّ كلامنا، وكتاب " التاريخ الكبير "، و" التاريخ الأوسط "، و" التاريخ الصغير "؛ وكلها في تراجم الرواة، ليست في علم التاريخ المعروف، إنما هي في تراجم الرواة، وكتاب " الضعفاء الكبير "، وكتاب " الضعفاء الصغير "، وكتاب " القراءة خلف الإمام "، وكتاب " الأدب المفرد "، و" جزء رفع اليدين في الصلاة "، وغيرها من المؤلفات الكثيرة العديدة والتي فُقِدَ شيء كثير منها وبقي منها أهمُّها، وأهم كتابين له في الحقيقة هما: " الصحيح "، و" التاريخ الكبير "، هذه أهم كتب الإمام البخاري وكلاهما موجود مطبوع بحمد الله تعالى.

أما كتابه " الصحيح "، فنبتدئ أولًا في سبب تأليف هذا الكتاب:

يذكر الإمام البخاري أن سبب تأليفه لهذا الكتاب أنه كان في مجلس إسحاق بن رَاهُويه - إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - شيخه، فقال إسحاق: لو أن أحدكم يجمع مختصرًا في صحيح أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، يقترح هذا الشيخ على طلابه أن يجمعوا كتابًا مختصرًا في صحيح السنة النبوية.

يقول البخاري: فوقع هذا الكلام في نفسي، يعني يوم اقترح علينا إسحاق بن راهويه هذا الاقتراح قَدَح في ذِهني أن أقوم بهذا الجَمْع، وبادر بالفعل بهذا الجمع من فترة مبكرة.

ابتُلِيَ الإمام البخاري بأكثر من فتنة وأكثر من ابتلاء، وصبر واحتسب وضرب أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب، وأشد هذه الابتلاءات اتهامه بالبدعة وهو الذي كان إمامًا من أئمة السنة ينصر السنة ويدافع عنها، ولا شك أن هذا الاتهام كان باطلًا، وقد عَرَف ذلك كثير من معاصريه ممن كان يتهمه، وأعلنوا توبتهم واعتذارهم في حياته وبعد وفاته أعلنوا توبتهم لله عز وجل مما قالوه في حقه.

تُوفِيَّ هذا الإمام في سَنة سِتَّة وخمسين ومائتين من الهجرة.

وقد ترك مؤلفات كثيرة جدًّا في السنة وعلومها، من أشهرها كتابه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير