تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمقصود أن الحكم بالجهالة على راوٍ وهو في " الصحيح " هذا لا يمكن أبدًا، لذلك لو وقفت على راوٍ من شيوخ البخاري أو ممن فوقهم حُكم عليه بالجهالة أو ما وجدتَ فيه جرح ولا تعديل، مجرد إخراج البخاري له يقتضي أنه معروف عند البخاري وأنه في درجة القبول؛ وهذه فائدة مهمة نستفيدها في كل كتب الصحاح، وسيأتي الكلام عن بقية الكتب إن شاء الله.

س: هل هناك راوٍ روى له البخاري، وقال عنه أهل العلم مجهول ((1) هذا سؤال من أحد الطلبة، وهو غير مسموع، فَقَدَّرناه، ووضعناه في مكانه.1)؟

ج: وُجد هذا قديمًا وحديثًا؛ من رد بعض الأحاديث لأنه فيها فلانًا مجهول، أو نجد راوٍ في البخاري وقال عنه أبو حاتم مثلًا: مجهول، وهو في البخاري؛ فهل نقدم كلام أبي حاتم أم ما يقتضيه فعل البخاري؟

نقدم ما يقتضيه فعل البخاري؛ لأنه كما قلنا: الحكم بالجهالة ليس معارضًا للذي حكم عليه بالعدالة والضبط.

كما أن الحكم بالجهالة لا يعارض قول من ضعفه، لو وجدنا عالم يقول: فلان مجهول، والآخر يقول: ضعيف، نقدم كلام من قال: ضعيف؛ لأن الذي يقول مجهول يقول: أنا لا أعرفه لا بعدالة ولا ضبط، والذي يقول ضعيف يقول: أنا عرفته بالضعف، فنقدم من كان عنده زيادة علم.

كذلك من حَكَمَ عليه بالتوثيق؛ نقدِّم كلامه، متى يصير المسألة فيها إشكال؟ إذا تعارض الجرح أو التعديل، واحد يقول ضعيف والثاني يقول ثقة، هنا تأتي مسألة تعارض الجرح والتعديل ولها خطوات معينة، وقد تُدرس إن شاء الله في الدورة في علم الجرح والتعديل، ما هي طريقة التعامل مع الراوي الذي اختلفت فيه أقوال أهل العلم جرحًا وتعديلًا.

سؤال يقول: هل شرط الإمام البخاري في الحديث الصحيح هو التعريف الذي ذكر آنفًا؟

نقول على وجه الإجمال: نعم، لا بد من شرط العدالة، لا بد من شرط الضبط، لا بد من شرطا الاتصال، لا بد من عدم الشذوذ ومن عدم العلة. وسنقف مع كل شرط من هذه الشروط ونتكلم عن موقف البخاري منها بإذن الله تعالى، لكن فقط الشيء الذي يجعلني أقول في كل تفاصيله قضية تمام الضبط؛ تمام الضبط هذه ليست شرطًا لا للبخاري ولا لغيره، فكم من راوٍ وُصف بخفة الضبط أخرج له البخاري ولربما فيما يسمى بالأصول، يعني هو حسب اصطلاحنا نحن يكون في الحسن، وسيأتي الكلام عن هذا إن شاء الله على كل حال وذِكر كلام أهل العلم حول هذه المسألة.

المقصود: أن البخاري اشترط القبول، سواء كان حسنًا أو صحيحًا، ولا شك أنه اشترط أعلى القبول ولذلك أعلى شرطه هو أن يكون هذا الحديث في قمة الأحاديث المقبولة، ولذلك أكثر وغالب أحاديث " الصحيح " هي من رواية تَامِّي الضبط، يقل فيها جدًّا أن تجد رواية خفيف الضبط في أصول الأبواب، لكن يوجد؟ نعم يوجد، قليل؛ لأنه الإمام البخاري شرطه أن يُخرج الأحاديث المقبولة الصالحة للاحتجاج، فإن وجدها في أعلى المراتب كانت هذه أعلى شرط، إن لم يجد في الباب إلا هذا الحديث الذي هو مقبول - ولو في المرتبة الدنيا من القبول - أخرجه في كتابه، وخاصة إذا تذكرنا ما قررناه في السنة الماضية: أن أول من اصطلح - وهذه المرحلة هي القسم الأوسط - هو الإمام الترمذي، فكل من سبقه ما كانوا يستخدمون الحسن بالمعنى الاصطلاحي ولا كان عندهم الحديث المقبول ينقسم إلى صحيح وحسن، فليس هناك داعٍ عنده إلى أنه ما يُخرج إلا فقط ما يسميه برواية تام الضبط، لأنه ما عنده مسمى لخفيف الضبط، كل عنده في فقه حديث الصحيح، وإن كان البخاري كما قلنا يحرص أن يُخرج أصح الصحيح، فاتفق مع ذلك أن يكون أصح الصحيح من رواية تام الضبط غالبًا، تام الضبط سيكون أتقن لروايته من خفيف الضبط، ولذلك وافق أن تكون أغلب أحاديث صحيح البخاري هي من رواية من كان عدلًا تام الضبط.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير