تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الراوي من قبيل أولئك الرواة، فالمقصود أن توثيق هؤلاء العلماء لا شك أنه مُعتمد إذا لم يُخالفوا، إذا لم يجد، ما أحدًا يخالفهم، أما إذا اختلفوا فلا شك أننا نلجأ عندها إلى المرجحات والأدلة والقرائن ولربما رجحنا توثيق الراوي ولربما رجحنا ضعفه، فحالهما كحال غيرهما من الأئمة، بل هما أي ابن معين والنسائي من أشد العلماء تحريًا وتثبتًا في باب الجرح والتعديل حتى عُدا من المتشددين في التعديل كما تعرفون، وكلاهما أيضًا من كبار أئمة النقد، أما ابن معين فهو إمام الجرح والتعديل على الإطلاق، ولذلك لا يصح أن يُوجه إلى منهج ابن معين نقد؛ هو إمام الجرح والتعديل فأن ينبغي أن تؤخذ قواعد الجرح والتعديل من هذا الإمام لأنه قمة هذا الهرم، فلا يصح أن ننتقد المنهج الذي سار عليه ابن معين في الجرح والتعديل.

إذا انتقدته فكأني أنتقد من دونه، وكل من سوى ابن معين فهو دونه في الجرح والتعديل كما نص على ذلك الإمام أحمد عندما قال: هو أعلمنا بالرجال، وكما نصَّ على ذلك أبو داود عندما قال: إن ابن معين هو أعلم الثلاثة – لمَّا سئل عن أحمد، ويحيي، وعلي بن المديني- قال أعلمهم بالرجال يحيي، وأعلمهم بالعلل علي بن المديني، وأعلمهم بالفقه - بفقه الحديث - أحمد بن حنبل، لذلك لا نقبل نقد منهج لابن معين، أما أن تنتقد راويًا وثقه ابن معين أو ضعفه وخولف في ذلك فهذا خلاف جزئي يُباح لك أن تفعل هذا الأمر؛ لأن حصول الوهم في مثل هذه الأمور أمر مُتصور، أما أن يحصل له وهم منهجي وهو إمام الجرح والتعديل هذا لا يمكن أن يَصح؛ لأن هذا خلاف منهج سيتطرق أو سيؤدي إلى أخطاء كثيرة جزئية، فكيف يخطئ كثيرًا ثم يوصف بأنه إمام جرح وتعديل هذا لا يمكن.

السؤال السادس: يقول: ما هو تفسير كلام ابن حبان في الإمام أبي حنيفة؟

ليس ابن حبان أول من يتكلم في أبي حنيفة رحمه الله فقد تكلم فيه غيره من المحدثين، ولابن حبان اجتهاده ورأيه وقد أبداه بكل صراحة وجرأة وشجاعة في كتابه المجروحين، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس هو في ذلك بمنفرد دون بقية أهل الحديث، فأكثر أهل الحديث على تضعيف أبي حنيفة في باب الرواية.

ننتقل إلى كلامنا عن ابن حبان، وكنا ذكرنا بالأمس آخر ما توقفنا عنده:

الكلام عن المختلطين.

أريد أن أنبِّه على قضية بالنسبة للمختلط وهي:

أنه لا يصح أن تنتقد حديثًا في صحيح ابن حبان، أو غيره من الصحاح إذا وجدته من رواية مختلط بل من رواية رجل سمع مِنْ مختلط بعد اختلاطه، لا يصح شان تنتقد رواية في كتب الصحاح برواية رجل سمع من مختلط بعد اختلاطه؛ لَأَنَّ ابن حبان بيَّن أنه قد يخرج رواية مختلط عن من سمع منه بعد الاختلاط لكون هذا المُختلِط مُتابَع مُوافَق، ولم يشترط على نفسه أن يخرج هذه المتابعة، فهو لعلمه بهذه المتابعة يخرج رواية المختلط، ولعله يخرجها إما لعلوها أو لأي سبب آخر، ولذلك هذه من صور التضعيف المُحتَمَل الذي قلت: إنه لا يصح للمتأخر أن يعارض به المُتقدِّم؛ لأن المتقدم يعلم قاعدة المختلط، وبعلم متى يُقبل ومتى يُرد، وقد نص ابن حبان هنا إلى أنه قد يفعل ذلك أيضًا صراحة، فلا يحق لك بعد ذلك أن تنتقد حديثًا في كتب الصحاح أو صححه أحد العلماء بمثل هذا الأمر، إلا إذا خالفه ناقد آخر مثله، فعندها يحق لك الترجيح وترجح إما كلام ابن حبان أو كلام من انتقده كأبي زرعة أو أبي حاتم أو من انتقد هذا الحديث ممن تقدم ابن حبان أو ممن تأخروا عنه من النقاد.

من المسائل التي أثارها ابن حبان في صحيحه قضية نفي وجود المتواتر:

وأن الأحاديث كلها آحاد، لن نقف عندها كثيرًا، لكن ننبه إلى أن عبارته في ذلك قد فُهِمَت أنه يشترط العزة في الحديث، أو أنه يرى أو أنه لا يرى وجود عزيز، أنه يرى أنه ليس هناك حديث عزيز على اصطلاح الحافظ وهو ما لم يروه أقل من اثنين عن اثنين، حسب تعريف الحافظ ابن حجر للعزيز، فيقول الحافظ بن حجر في " النزهة ": إن ابن حبان ادعى عدم وجود حديث عزيز، لكن، هو مُعْتَمد على هذه العبارة التي في مقدمة صحيحه، لكن هذه العبارة في الحقيقة لا تدل على نفي وجود العزيز وإنما يقصد بها ابن حبان نفي وجود المتواتر لا وجود العزيز؛ لأنه يقول في هذه العبارة: فأما الأخبار فإنها كلها أخبار

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير