قال الشيخ ابو الحسن مصطفي بن اسماعيل " ........ لكن بقي ان يقال " المدلس اذا اخذ عن كتبه هل يزيل ذلك علة التدليس؟ او بمعني اخر هل المدلس لا يسقطه شيخه الا اذا حدث بالحديث من حفظه مع كونهقد أثبت اسم شيخه في كتابه فمن أخذ من كتابه علم بشيخه ام لا؟ هذا محل بحث واستفسار والله أعلم " (اتحاف النبل ص 86)
هذا أرى- والله أعلم – تشكيله غير نافع من الشيخ – حفظه الله ونفع بعلومه - وقد جرى الائمة بدون تفريق بينهما وان كان شيئ منه كما فال الشيخ – حفظه الله كان أقدم القوم الى التنبيه علي ذلك مثلا نحن نعلم يقينا أن ابن لهيعة كان يحدث من كتبه ومع ذلك يقول الامام ابن حبان أنه مسير أحاديثه فرآها يدلس عن أقوام ضعفي علي أقوام ثقات رآهم ابن لهيعة وذلك في رواية المتقدمين. فما فرق بين تحديثه من كتبه وبين تحديثه من حفظه: وكذا الامام ابن حجر لم يفرق بينهما حين انتقده بالتدليس فمثل ذلك الاستفسار من الشيخ – حفظه الله – لا يجيد الله أعلم.
قال يعقوب ابن سفيان عن سعيد بن ابي مريم " كان حيوة بن شريح أوص بكتبه الي وحي لا يتقي الله وكان يذهب فيكتب من كتب حيوة حديث الشيوخ الذين شاركه ابن لهيعة فيهم ثم يحمل اليه فيقرء عليهم قال وحضرت ابن لهيعة وقد جائه قوم فقال هل كتبتم حديثا طريفا قال فجعلوه يذاكرونه حتي قال بعضهم ثنا القاسم العمرى عن عمروبن شعيب عن ابيه عن جده رفعه اذا رأثيتم الحريق فكبروا ...... " الحديث فكان ابن لهيعة يحدث به ثم طال ذلك عليه ونسي فكان يقرأ عليه في جملة عمروبن شعيب ويجيزه " رماها ميمون بن الاصبغ عن أبي مريم وزاد أن اسم الرجل الذي حدث به ابن لهيعة زيادبن يونس الحضرمي " (تهذيب التهذيب 5/ 328)
وقال الامام عبد الرحمن بن مهدي "لا أحمل عن ابن لهيعة قليلا ولا كثيرا كتب الي ابن لهيعةكتابا فيه حدثنا عمروبن شعيب قال عبد الرحمن فقرأته علي ابن المبارك فأخرج الي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال حدثني اسحاق بن أبي فروة عن عمروبن شعيب. (كتاب الضعفاء 2/ 12)
وقال يحي بن حسان " جاء قوم ومعهم جزء فقالوا سمعنا ه من ابن لهيعة فنظرت فيه فاذا ليس فيه حديث واحد من أحاديثه قال فقمت فجلست الي ابن لهيعة فقلت أى شيئ ذا الكتاب الذي حدثت بتدليس هاهنا في هذا الكتاب حديث من حديثك ولا سمعتها أنت قط قال فما أضع بهم يجيئون بكتاب فيقولون هذا من حديثك فأحدثهم به " (المصدر السابق 2/ 13)
وقال قتيبة بن سعيد " كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه يغني فضعف بسبب ذلك " (تهذيب 5/ 330)
وقال أيضا " كان رشدين وابن لهيعة لا يباليان ما دفع اليهما فيقرآنه " (التاريخ الاوسط 2/ 175)
وكل هذا يدل علي اضطراب ابن لهيعة الشديد بعد احتراق كتبه وبه يظهر ضعف قول الامام ابن شاهين حيث قال " والقول في ابن لهيعة عندي قول أحمد بن صالح لأنه من بلده ومن أعرف الناس به وبأشكاله من المصريين وقد حدث شعبة ابي الحجاج عن ابن لهيعة " (المختلف فيهم للامام ابن شاهين ص 47)
المبحث الثالث
(البحث عن الرواة المقبولة روايتهم عن ابن لهيعة)
قال الامام ابن الصلاح في النوع الثاني والستين في (مقدمته) " والحكم فيهم (يعني المختلطين) أنهيقبل حديثه من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولايقبل حديث من أخذ عنهم بعد الاختلاط او أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده "
(التتقييد والايضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ص 39)
وبناء علي هذا ميزوا أكثر الائمة بين روايات القدامي والمتأخرين. وقد اختلفوا في قبول بعض منهم ولكن أكثر الائمة متفقون علي قبول رواية العبادلة. فلنحرر موضوعنا – ان شاء الله بشيئ من التفصل.
الفصل الاول
(التحقيق في قبول رواية العبادلة عن ابن لهيعة)
العبادلة هم عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ. وقد نص الأئمة علي قبول روايتهم عن بن لهيعة لأنهم سمعوا منه كتابه كله فبل الاختلاط وكانوا يتثبتون في رواياته. هذا بعض نصوص الائمة في قبول روايتهم عنه وقد ألحقت بهم بعض من ضعفه مطلقا واعتبر برواية العبادلة ولم يحتجوا بها
¥