قلت: أبو إسحاق السَّعدي، هو: الإمام الحافظ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، إمام الجرح والتعديل في وقته، وصاحب كتاب
(أحوال الرجال)، وهو مشهور بكنيته عند أئمة الحديث بأنه أبو إسحاق السَّعدي، وقد كذب هذا الشيعي الغالي كما قال الشيخ سليمان، وذلك في زعمه بأن الإمام الذهبي دَلَّس اسم الجوزجاني وكنَّاه لترويج باطله، والإمام الذهبي لا يُعرف بتدليس الأسماء لترويج الأباطيل، بل هذا من دين الرافضة وما يقوم عليه علمهم، نسأل الله السلامة.
وأما ميل الجوزجاني إلى النَّصب، فقد قال الإمام المعلمي رحمه الله: «الجوزجاني حافظ كبير، متقنٌ عارف، وثقه تلميذه النسائي جامع «خصائص علي» وقائل تلك الكلمات في معاوية،ووثقه آخرون، فأما ميل الجوزجاني إلى النصب، فقال ابن حبان في «الثقات»:
«كان حَرِيْزِي المذهب ولم يكن بداعية إليه وكان صلباً في السنة … إلا أنه من صلابته ربما كان يتعدى طوره» وقال ابن عدي: «كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي» ().
وليس في هذا ما يُبين درجته في الميل.
فأما قصة الفروجة فقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب ()»:
«قال السُّلمي عن الدارقطني بعد أن ذكر توثيقه: «لكن فيه انحراف عن علي اجتمع على بابه أصحاب الحديث، فأخرجت جارية له فروجة لتذبحها، فلم تجد من يذبحها، فقال: سبحان الله فروجة لا يوجد من يذبحها، وعليٌ يذبح في ضحوة نيفاً وعشرين ألف مسلم» فالسُّلمي هو محمد بن الحسين النيسابوري ترجمته في «لسان الميزان» ().
تكلموا فيه حتى رموه بوضع الحديث،والدارقطني إنما ولد بعد وفاة الجوزجاني ببضع وأربعين سنة، وإنما سمع الحكاية على ما في «معجم البلدان» () (جُوزْجَانان) من عبد الله بن أحمد بن عَدَبَّس، ولابن عَدَبَّس ترجمة في «تاريخ بغداد» () و «تهذيب تاريخ ابن عساكر ()» ليس فيهما ما يُبين حاله فهو مجهول الحال فلا تقوم بخبره حجة، وفوق ذلك فتلك الكلمة ليست بالصريحة في البغض، فقد يقولها من يرى أن فعل علي رضي الله عنه، كان خلاف الأولى أو أنه اجتهد فأخطأ،… ولا يعد مثل هذا نصباً، إذ لا يستلزم البغض بل لا ينافي الحب.
فأماحط الجوزجاني على أهل الكوفة، فخاص بمن كان شيعياً يبغض الصحابة أو يكون ممن يُظنُّ به ذلك.
وبالنظر في حط الجوزجاني على الشيعة، اتضح أنه لا يجاوز الحد، وليس فيه ما يسوغ اتهامه بتعمد الحكم بالباطل، أو يخدش في روايته ما فيه غض منهم أو طعن فيهم، وتوثيق أهل العلم له يدفع ذلك البتة» ().
وقد كتب في هذا الشيخ عبد العليم البستوي، في دراسته لمنهج الجوزجاني في الجرح والتعديل فقال:
«هناك شبهات شاعت عنه تقول إنه: كان يتحامل على علي رضي الله عنه، أو كان ناصبياً أو حرورياً…» ().
ثم ذكر الشيخ أدلة القائلين بذلك، وناقشها بدراسة علمية مفصلة، ورجح أن الجوزجاني لا يتحامل على علي رضي الله عنه، وليس ناصبياً أو حرورياً.
خامساً: ذكر الشيخ سليمان لبعض أقوال الأئمة،مما يتعلق بجرح الراوي، زيادة على ما ذكر في (الميزان).
وأمثلة ذلك ما يلي:
1 – قال الذهبي: «شَبِيب بن سُلَيم، عن الحسن البصري، ضعفه الدارقطني، وقيل ابن سليمان،وغمزه الفلاس، وروى عنه هو ومحمد ابن المثنى» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق: قال العقيلي: كان يكذب» ().
قلت: شَبيب بن سُليم ضعيف كذاب.
وقول ابن عرَّاق نقله الشيخ من (تنزيه الشريعة ())، وهذا النقل من الشيخ فيه فائدة، وهي أن هذا الراوي، قد يُظنُّ فيه كما في ترجمته من (الميزان) أنه ضعيف فقط، وليس بشديد الضعف،ولأهمية قول العقيلي نقله الحافظ في (لسان الميزان) ().
2 – قال الذهبي: «شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مُقاتل، قال الحافظ الخطيب: مجهولان» ().
قال الشيخ: «قال ابن عرَّاق في «تنزيه الشريعة» (): شُجَاعْ بن أسلم الحَاسِبْ، عن أبي بكر بن مقاتل، مجهولان بخبر باطل آفته أحدهما» ().
قلت: أورد الخطيب لشُجاع بن أسلم حديثاً، من رواية محمد بن الحسن ابن إسماعيل الأنباري، عن شجاع، عن ابن مقاتل، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: «إن الرجل ليصلي ويحج وما يُعْطى يوم القيامة إلا بقدر عقله» ().
¥