تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الأثر ذكره المصنف ولم يعزه، وقد رواه البخاري) ().

قلت هذا الأثر أخرجه البخاري، () وابن جرير، () وابن أبي حاتم ()، ورواه كما في الدر المنثور ()، عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وإسناده صحيح.

8 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب ما جاء في الكُهَّان ونحوهم، فقال: (قال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جَاد، وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الأثر ذكره المصنف عن ابن عباس، ولم يعزه ()، وقد رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً،وإسناده ضعيف، ولفظه «رب معلم حروف أبي جاد () دارس في النجوم ليس له عند الله خلاق يوم القيامة» ورواه أيضاً حُميد بن زَنْجَويه عنه بلفظ «رب ناظر في النجوم ومتعلم حروف أبي جاد ليس له عند الله خلاق») ().

قلت: هذا الأَثر أخرجه عبد الرزاق ()، وابن أبي شيبة () والبيهقي ()، وحرب ()، من طريق عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس موقوفاً.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه الطبراني () من طريق خالد بن يزيد العُمَري، عن محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، مرفوعاً.

وهذا إسناد ساقط، ففيه خالد بن يزيد العُمَري (قال يحيى بن معين: كذاب، وقال أبو حاتم: كذاب ذاهب الحديث) ()،وقال ابن حبان: (لا يشتغل بذكره لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات ()).

وعليه فقول الشيخ سليمان: (وإسناده ضعيف) فيه قصور ظاهر، ولعله تبع السيوطي ()، فقد رمز له بالضعف، والحديث لا يصح مرفوعاً عن ابن عباس فهو موضوع، والصحيح فيه الوقف.

9 – أورد شيخ الإسلام أثراً في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون)، فقال: (قال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً، أحبُّ إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً).

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هكذا ذكر المصنف هذا الأثر عن ابن مسعود ولم يعزه، … وقد رواه الطبراني بإسناده موقوفاً هكذا. قال المنذري ورواته رواة الصحيح) ().

قلت: هذا الأثر رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن أَبي سلمة، عن وَبْرَة ابن عبد الرحمن قال عبد الله … فذكره ().

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

ورواه ابن أبي شيبة، عن وكيع عن مِسعر، عن عبد الله بن مَيسرة، عن أبي بُردة قال: قال عبد الله … فذكره ().

قال الشيخ الألباني: (وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أَبي بُردة فلم أعرفه، ويحتمل أن في سند النسخة شيئاً من التحريف، و الله أعلم) ().

قلت: ولم أعرفه أيضاً، فلعل ما ذكره الشيخ صحيح.

وأخرجه الطبراني قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم وحدثنا أبو مسلم الكِشِّي، ثنا الحكم بن مروان الضرير قال: ثنا مِسعر بن كِدَام، عن وَبْرَة بن عبد الرحمن، قال: قال عبد لله … فذكره ().

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقال المنذري: (ورواته رواة الصحيح) ()، وقال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) () وعليه فالأثر عن عبد الله بن مسعود صحيح.

إنَّ ما تعقب به الشيخ سليمان على شيخ الإسلام في إيراده لبعض الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أَخرجها هذا في نظري من باب التكميل لا التعقيب، وإن كان فيه دلالات كثيرة، وهي على ما يلي:

أولاً: عناية الشيخ بتخريج الأحاديث والآثار وعزوها إلى مصادرها،وهذا شأن المحدث؛ وذلك أن الغالب على الفقهاء عدم الاهتمام بذلك، حيث إن غايتهم متن الحديث وما فيه من الفقه.

ثانياً: تخريج الشيخ سليمان لكل الأحاديث والآثار الواردة في كتاب (التوحيد)، سواء خرَّجها شيخ الإسلام، أو أورد بعضها دون تخريج كما في هذه الأمثلة السابقة. وهذا فيه دلالة على همة الشيخ العالية، وإكماله لتخريج ما لم يُخرِّجه شيخ الإسلام.

ثالثاً: فيه دلالة على أنّ الشيخ سليمان يرى أن من النقص والخطأ إيراد الأحاديث والآثار، غير معزوة إلى من أخرجها، وهذا هو الصحيح.

رابعاً: فيه دلالة على عناية الشيخ بتخريج الآثار وعزوها إلى مصادرها، فكما أنه يعتني بتخريج الأحاديث، كذلك يعتني بتخريج الآثار لا فرق بينهما، وهذا هو شأن المحدثين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير