تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: إن قول الشيخ (فلعل الإمام رواه في كتاب الزهد أو غيره) هذا فيه دلالة على معرفة الشيخ لقدر الأئمة الأعلام، ومنزلتهم العلمية، و الاعتذار لهم بعذر فيه وجاهة ودراية؛ وذلك أن الشيخ لم يتعجل، فينسب الوهم والخطأ للإمامين ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب.

ثالثاً: هذا المثال يدل دلالة واضحة على سعة اطِّلاع الشيخ؛ حيث نقل عن ابن القيم، وذلك من كتابه (الداء والدواء)، رواية أحمد لهذا الحديث سنداً ومتناً. والعجيب كيف استدل الشيخ سليمان على أن ابن القيم أورد هذا الحديث في كتابه هذا، مع أن هذا الكتاب ليس من مَظانِّ وجود هذا الحديث فيه.

رابعاً: هذا المثال فيه ردٌ صريح، على ما قد يظنُّه البعض من أن الشيخ سليمان في تخريجه للأحاديث والآثار، هو مجرد ناقل من بعض أئمة الحديث كالحافظ ابن كثير، وابن القيم، وابن حجر، والمنذري، والسيوطي، وغيرهم، وليس له اجتهاد وبحث في تخريج الأحاديث.

خامساً: هذا المثال فيه دلالة على همة الشيخ العالية؛ وذلك لمطالعته وبحثه في (المسند)، ليتحقق من وجود الحديث فيه، ومن المعلوم أن استخراج الحديث من (المسند) مباشرة، كان في فترة من الفترات فيه صعوبة ومشقة، فمن أراد أن يُخَرِّج الحديث منه، لا بد له من قراءة (المسند) والبحث فيه، وفي فترة الشيخ سليمان لا توجد فهارس، ولا وسائل مُعِينة، تساعد على استخراج الحديث من (المسند) والاستفادة منه، وصعوبة الاستفادة من (المسند) واستخراج الحديث منه، هي إلى وقت قريب من عصرنا، فهذا العلامة المحدث أحمد شاكر، يقول عند عزمه لتحقيق (المسند): «(كتاب المسند) لإمام الأئمة، ناصر السنة وقامع البدعة، الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه. وجدته بحراً لا ساحل له، ونوراً يُستضاء به، ولكن تنقطع الأعناق دونه، بأن رُتب على مسانيد الصحابة، وجُمعت فيه أحاديث كل صحابي متتالية دون ترتيب، فلا يكاد يفيد منه إلا من حفظه، كما كان القدماء الأولون يحفظون، وهيهات، وأنَّى لنا ذلك، فشغفت به وشُغلت، ورأيت أن خير ما تخدم به علوم الحديث، أن يوفق رجل لتقريب هذا المسند الأعظم للناس، حتى تعم فائدته، وحتى يكون للناس إماماً، وتمنيت أن أكون ذلك الرجل. ثم وجدت أن أكابر المحدثين وأئمة الشراح والمؤلفين، كان شأنهم بالنسبة للمسند قريباً من شأننا، فما كان ليقدم على النقل منه، أو على تحقيق رواية فيه، إلا فرد بعد فرد،وعامتهم ينقلون عمن قبلهم، ويقلدون في نسبة الحديث إليه من سبقهم، إلا بضعة رجال كانوا كأن المسند كله على أطراف ألسنتهم، كانوا يعرفونه حقاً. ولا أكاد أجزم بتسمية أحد من هؤلاء إلا ثلاثة: شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية، وتلميذاه الحافظان الكبيران، شمس الدين ابن القيم، وعماد الدين ابن كثير) ()، ومن خلال النظر في كلام الشيخ أحمد شاكر، نعرف قدر منزلة الشيخ سليمان في العلم، والبحث، والهمة.

سادساً: هذا المثال فيه دلالة على سلوك الشيخ لمنهج المحدثين، في العناية بتخريج الأحاديث؛ وذلك أن الغالب على الفقهاء عدم العناية بهذا الجانب.

هذا وقد وهم الشيخ عثمان بن منصور في شرحه لكتاب التوحيد، حيث قال في تخريجه لهذا الحديث: «ذكره الإمام أحمد في الجزء الرابع من مسند الكوفيين، من ترتيب ابن عساكر ()، وعده في جزئه في الصحابة، من رواة المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم ()».

وعزو ابن منصور لترتيب ابن عساكر فيه نظر؛ فإن الإمام أحمد لم يخرج هذا الحديث في المسند كما تقدم بيانه.

2 – أورد شيخ الإسلام حديثاً في كتاب (التوحيد) باب: قول: ما شاء الله وشئت. فقال: (وللنسائي عن ابن عباس، أنَّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت. قال: «اجعلتني لله نِدَّاً ما شاء وحده» ().

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: (هذا الحديث رواه النسائي، كما قال المصنف لكن في (اليوم والليلة) وهذا لفظه …) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير