تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله تعالى: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} أي لا يمتنع الشهداء إذا ما دعوا لتحمل الشهادة، أو أدائها؛ و {ما} هذه زائدة لوقوعها بعد {إذا}؛ وفيها بيت مشهور يقول فيه:

(يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة) واستعمالات «ما» عشر؛ هي كما جاءت في بيت من الشعر:

(محامل «ما» عشر إذا رمت عدّها فحافظ على بيت سليم من الشعر) (ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها بكفّ ونفي زيد تعظيم مصدر) ولكن يجب أن نعلم أنه ليس في القرآن شيء زائد بمعنى أنه لا معنى له؛ بل زائد إعراباً فقط؛ أما في المعنى فليس بزائد.

قوله تعالى: {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله}، أي لا تمَلّوا أن تكتبوا الدَّين صغيراً كان أو كبيراً إلى أجله المسمى.

قوله تعالى: {ذلكم} المشار إليه كل ما سبق من الأحكام؛ {أقسط عند الله} أي أقوم، وأعدل؛ {وأقوم للشهادة} أي أقرب إلى إقامتها؛ {وأدنى ألا ترتابوا} أي أقرب إلى انتفاء الريبة عندكم.

قوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم}: فيها قراءتان؛ إحداهما بنصب {تجارةً}، و {حاضرةً}؛ والثانية برفعهما؛ على الأول اسم {تكون} مستتر؛ والتقدير: إلا أن تكون الصفقة تجارة حاضرة؛ وجملة: {تديرونها} صفة ثانية لـ {تجارة}؛ أما على قراءة الرفع فإن {تجارة} اسم {تكون}؛ و {حاضرة} صفة؛ وجملة: {تديرونها} خبر {تكون}.

والتجارة هي كل صفقة يراد بها الربح؛ فتشمل البيع، والشراء، وعقود الإجارات؛ ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى الإيمان، والجهاد في سبيله تجارة، كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} [الصف: 10].

وأما قوله تعالى: {حاضرة} فهي ضد قوله تعالى: {إذا تداينتم بدين}؛ فالحاضر ما سوى الدَّين.

و قوله تعالى: {تديرونها} أي تتعاطونها بينكم بحيث يأخذ هذا سلعته، والآخر يأخذ الثمن، وهكذا.

قوله تعالى: {فليس عليكم جناح}: الفاء عاطفة، أو للتفريع؛ يعني ففي هذه الحال ليس عليكم إثم في عدم كتابتها؛ والضمير في قوله تعالى: {تكتبوه} يعود على التجارة؛ فهذه التجارة المتداولة بين الناس ليس على الإنسان جناح إذا لم يكتبها؛ لأن الخطأ فيها، والنسيان بعيد؛ إذ إنها حاضرة تدار، ويتعاطاها الناس بخلاف المؤجلة.

قوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} أي باع بعضكم على بعض.

قوله تعالى: {ولا يضار كاتب ولا شهيد}؛ مأخوذة من: الإضرار؛ يحتمل أن تكون مبنية للفاعل؛ فيكون أصلها «يضارِر» بكسر الراء الأولى؛ أو للمفعول؛ فيكون أصلها «يضارَر» بفتحها؛ ويختلف إعراب {كاتب}، و {شهيد} بحسب بناء الفعل؛ فإن كانت مبنية للفاعل فـ {كاتب} فاعل؛ وإن كانت للمفعول فـ {كاتب} نائب فاعل؛ وهذا من بلاغة القرآن تأتي الكلمة صالحة لوجهين لا ينافي أحدهما الآخر.

قوله تعالى: {وإن تفعلوا} أي يضار الكاتب، أو الشهيد - على الوجهين {فإنه} أي الفعل - وهو المضارة؛ {فسوق بكم} أي خروج بكم عن طاعة الله إلى معصيته؛ وأصل «الفسق» في اللغة الخروج؛ ومنه قولهم: فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها.

قوله تعالى: {واتقوا الله} أي اتخذوا وقاية من عذاب الله؛ وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.

قوله تعالى: {ويعلمكم الله}؛ الواو هنا للاستئناف؛ ولا يصح أن تكون معطوفة على {اتقوا الله}؛ لأن تعليم الله لنا حاصل مع التقوى، وعدمها - وإن كان العلم يزداد بتقوى الله، لكن هذا يؤخذ من أدلة أخرى.

قوله تعالى: {والله بكل شيء عليم} يشمل كل ما في السماء، والأرض.

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: العناية بما ذُكر من الأحكام؛ وذلك لتصدير الحكم بالنداء، ثم توجيه النداء إلى المؤمنين؛ لأنه هذا يدل على العناية بهذه الأحكام، وأنها جديرة بالاهتمام بها.

2 - ومنها: أن التزام هذه الأحكام من مقتضى الإيمان؛ لأنه لا يوجه الخطاب بوصف إلا لمن كان هذا الوصف سبباً لقبوله ذلك الحكمَ.

3 - ومنها: أن مخالفة هذه الأحكام نقص في الإيمان كأنه قال: {يا أيها الذين آمنوا} لإيمانكم افعلوا كذا؛ فإن لم تفعلوا فإيمانكم ناقص؛ لأن كل من يدَّعي الإيمان، ثم يخالف ما يقتضيه هذا الإيمان فإن دعواه ناقصة إما نقصاً كلياً، أو نقصاً جزئياً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير