وسبب الاضطراب والتحريك في حروف القلقلة كونها مجهورة شديدة، فالجهر يمنع النفس أن يجري معها، والشدة تمنع صوتها أن يجري فلما اجتمع لها هذان الوصفان احتاجت إلى كلفة في بيانها فتخلص العرب من هذه الكلفة بالقلقلة؛ قال أبو شامة [12] في شرح الشاطبية (وإنما حصل لها ذلك لاتفاق كونها شديدة مجهورة فالجهر يمنع النفس أن يجري معها والشدة تمنع أن يجري صوتها فلما اجتمع لها هذان الوصفان وهو امتناع جرى النفس معها وامتناع جرى صوتها احتاجت إلى التكلف في بيانها فلذلك يحصل من الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة حتى تكاد تخرج إلى شبه تحركها لقصد بيانها إذ لولا ذلك لم يتبين لأنه إذا امتنع النفس والصوت تقدر بيانها ما لم يتكلف بإظهار أمرها على الوجه المذكور) [13].
تخلص العرب من شدة الحرف وعلاقة ذلك بالقلقلة
الحروف الشديدة في اللغة العربية ثمانية مجموعة في قولك " أجد قط بكت "وقد اعتادت العرب على التخلص من شدة الحرف حال النطق به، فتخلص العرب من الشدة في حروف (قطب جد) بالقلقلة.
?وتخلص العرب من الشدة في الكاف والتاء بالهمس، فالهمس فيهما يتبع صفة الشدة وليس معها في نفس الزمن، فبعد قفل المخرج انقفالاً تاماً ـ وهذه هي صفة الشدة ـ ينفتح ويخرج الهواء وهذه صفة الهمس، فالشدة باعتبار الابتداء والهمس باعتبار الانتهاء.
وإنما تخلصت العرب من شدة الكاف والتاء بالهمس دون القلقلة مع أن فيها صوتاََ زائداً حدث عند انفتاح مخرجيهما (لأن ذلك الصوت فيهما يلابس جري النفس بسبب ضعف الاعتماد على المخرج فهو صوت همس ضعيف ولذا عدتا شديدتين مهموستين) [14]
? وتخلص العرب من الشدة في الهمز بالطرق الآتية: ـ
- (بالإسقاط، مثل: " مستهزون " بحذف الهمزة.
- أو الإبدال، مثل: " يُومِنُونَ" بإبدال الهمزة حرفَ مد مجانس لحركةِ ما قبلها.
- أو بالنقل، مثل: " قَدَ ا فْلح " بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها مع حذف الهمز.
- أو بالتسهيل، مثل: " أَاعْجَمِيٌّ" وهو لفظ بين الهمزة والألف فننطق الهمزة الثانية بين بين فلا هي همزة خالصة ولا هي ألف خالصة ويضبط ذلك المشافهة ولم يسهل حفص من طريق الشاطبية إلا كلمة چ ? چ فصلت: 44 قولاً واحداً، و الكلمات الثلاث
چ ?، ہ، ? چ يجوز عنده الإبدال والتسهيل وقد أشار الإمام مكي في الرعاية إلى طرق التخلص من شدة الهمز بقوله ( .. لأن الهمزة حرف ثقيل فغيرته العرب لثقله، وتصرفت فيه ما لم تتصرف في غيره من الحروف، فأتت به على سبع أوجه مستعملة في القرءان و الكلام، جاءت به محققاً، ومخففاً، ومبدلاً بغيره، وملقى حركته على ما قبله، ومحذوفاً، ومثبتاً، ومسهلاً بين حركته والحرف الذي منه حركته) [15].
ولم تتخلص العرب من شدة الهمزة بالقلقلة كما في حروف القلقلة لأسباب:
1ـ لأن الهمزة تعتمد في مخرجها على جزء واحد وهو أقصى الحلق ولا يكون فيها التصاق جزئي المخرج كما في حروف القلقلة.
2ـ لأن (الهمز كالتهوع أي التقيؤ وكالسعلة فجرت عادة العلماء بإخراجها بلطافة ورفق وعدم تكلف في ضغط مخرجها لئلا يظهر صوت يشبه التهوع والسعلة) [16].
3ـ لأنه (يدخلها التخفيف حالة السكون ففارقت أخواتها ولأنه يعتريها الإعلال) [17]
كيفية أداء القلقلة
اختلف العلماء في أداء القلقلة إلى أقوال: ـ
القول الأول: إنها أقرب إلى الفتح مطلقًا، وكثير من العلماء يرجحون هذا القول. وقد أشار بعضهم إلى هذا القول بقوله:
وقلقلةً قرِّبْ إلى الفتح مُطلقاً ولا تتبعنها بالذي قبلُ تجْمُلا
ورجح هذا القول الشيخ جمال القرش في كتابه (زاد المقرئين) وعدد ثمانية أقوال للعلماء يقولون أنها إلى الفتح أقرب [18] منهم:ـ
1ـ الشيخ أحمد بن عبد العزيز الزيات قال: الراجح أنها تميل إلى الفتحة، وقد خالف الدكتور أيمن سويد شيخه الشيخ أحمد بن عبد العزيز الزيات في هذا المسألة.!!
2ـ والشيخ إبراهيم الأخضر، ذكر أنها تكون قريبة للفتح وليست مفتوحة.
3ـ والشيخ محمد أبو رواش ذكر أن الرأي الراجح في القلقلة أنها تميل إلى الفتح.
¥